• مقالات السيد أمين في العقيدة
  • سلوكيات شيخ المدينة “علي بن الحسين” بين التناقض والاستقامة [3] – سيدأمين السعيدي

    حجم الخط:
    3 صفر , 1435577

     

     

    سلوكيّات شيخ المدينة “علي بن الحسين” بين التّناقض والاستقامة [3]

     

    قراءة تحليليّة لمسيرة الإمام (ع) على ضوء

    رؤية التّناقض في “سيرته التّجزيئيّة الواحدة” و”المجموع الكُّلِّي لسِيَر الأئمّة (ع)”

     

      

    المقال الثّالث (الأخير)

    أمين السعيدي

      

    بسم الله الرّحمن الرّحيم

    مَدْخَل:

    الحمد لله الّذي لا يُحمد على ضُرٍّ سِواه، والصّلاة والسّلام على خاتم المرسلين، وسيّد الأنبياء والصّالحين، وعلى آله الميامين وصحبه الطّاهرين.

    وبعد..

    تكلّمنا فيما سبق –في الوقفة الأولى- بعد التّمهيد لسيرة الإمام زين العابدين عليه السّلام وتعريفه من حيث المولد والمنشأ والرّحيل، ومن حيث التّراجم وأقوال الرِّجاليِّين والأعلام والعلماء من العامّة فيه، وبعد بيان زاوية الكلام ومجال الحديث، وبعد الوقوف على الأسباب الدّاعية لطرح موضوع البحث، تكلّمنا هناك عن رؤية التّباين والتّناقض الّتي قد يصوّرها البعض تجاه سيرة الأئمّة الاثني عشر عليهم أفضل الصّلاة وأتمّ التّسليم، ضمن المجموع الكلِّي لسِيَرِهم التجزئيّة والمقارنة فيما بينها.

    كما أشرنا هناك إلى أنَّ نفس هذه الرّؤية كما تتوجّه للسِّيَر ككل بالمقارنة، كذلك تتوجّه للمجموع الكلِّي للسّيرة الواحدة من سِيَرهم عليهم السّلام بغضِّ النّظر عن الأخرى، مضافاً إلى أنّنا بيّنّا هناك شموليّة هذه الرّؤية لكلا الجنبتين “القياديّة السّياسيّة” و”التّشريعيّة الدِّينيّة” على حدٍّ سواء، ولا تستقل بالأولى دون الثّانية، فتناولنا الجنبة الأولى منوّهين لحاجة الجنبة الثّانية –على أهمّيّتها الفائقة- لقراءة مستقلّة ووقفة خاصّة أخرى.

    أمّا في الجنبة الأولى فضرَبنا من خلالها العديد من الأمثلة لكل من الدّراستين؛ الدّراسة لكلّي سِيَر الأئمّة عليهم السّلام بالمقارنة، والدّراسة لكلّي السّيرة الواحدة المفردة، والّتي اختصصناها –حسب موضوع المقام- بسيرة الإمام الرّابع من أئمّة أهل البيت عليهم الصّلاة والسّلام، علي بن الحسين،  ومعالجتها وفق رؤية التّباين المطروحة.

    كما استنبطنا واستعرضنا هناك الخطوط العامّة لسلوكيّات الأئمّة عليهم السّلام المتغايرة.

    بينما تناولنا هذه الرّؤية -في الوقفة الثّانية- بالمناقشة والتّحليل على ضوء المجموع الكُلِّي للسّيرة التّجزيئيّة للإمام علي بن الحسين عليه السّلام، حيث بيِّنّا في ضمن ذلك نقطتين مهمَّتين؛ الأولى منهما كانت ترتبط ببيان منهجيّة التّقييم الصّحيح للحوادث التّأريخيّة وسلوكيّات الأفراد، والثّانية كانت ترتبط بتحليل وتقييم سيرة الإمام عليه السّلام وفق هذه المنهجيَّة، حيث قسَّمنا قراءتنا لسيرته المباركة –حسب أبرز معالمها- إلى فترتين؛ الأولى منهما عنيت بمرحلة ما بين كربلاء والسّبي، والثّانية اختصّت بمرحلة ما بعد السّبي والرّجوع للمدينة.

    بينما تكلَّمنا في هذه الثّانية عن خمس جهات، ثلاث جهات منها وقعت في ذلك المقال، وهي ما يلي:

    الجهة الأولى: تكلّمنا فيها عن الغايات الفكريَّة لسلوكيّات الإمام عليه السّلام في هذه المرحلة.

    الجهة الثّانية: عمدنا من خلالها لقياس درجة التّطابق بين تلك الغايات والواقع العملي الّذي مارسه الإمام عليه السّلام.

    الجهة الثّالثة: تناولنا على إثرها الخيارات الأخرى -سابقة الذِّكر- المقابِلة لدور وسلوك الإمام عليه السّلام في هذه المرحلة بالنّظر والفَرض والتّحليل، وتقييمها على أساس الأكثر موافقة وتناسقاً مع الواقع والمجريات القائمة آنذاك، وهذا ما عمدنا له في ضمن فرض الخيارات الخمسة المتبقّية، والّتي –أيضاً- وقع الحديث عن الخيار الأوّل منها كالتّالي:

    (a)- خيار السّيف ومنطق القوّة؛ وفيه دار الحديث عن شكلين من التّحرّك، وهما: 1- الحِراك الجمعي الواسع. 2- الحِراك الفردي على غرار حركة أبيه الإمام الحسين عليه الصّلاة والسّلام.

    وفيهما استعرضنا أحد عشر مانعاً على الفرض والشّكل الأوّل، وسبعة موانع على الفرض والشّكل الثّاني.

    أمَّا في هذا المقال الثّالث -والأخير- من هذا الموضوع، فنريد أن نستكمل البحث في مرحلة ما بعد السّبي والرّجوع للمدينة من جهتها الثّالثة، لنتحدَّث عمّا أشرنا له من نقاط في نهاية ذلك المقال، حيث كانت الجهة الثّالثة تضع سؤالاً مفاده:

    ألا يوجد هنالك فرضيّة أو طريقة أخرى أنفع وأبلغ للمقاصد من سلوك هذه المرحلة المذكور؟

    وبعبارة ثانية: ألا يوجد واحداً من السّلوكيّات والخطوط العامّة الخمسة الباقية المتقدّمة يكون العمل على طبقه في هذه المرحلة أجدَى وأكثر تناسقاً مع سلوك المرحلة السّابقة وما تلاها؟ خصوصاً وأنَّ الأمّة لتوّها آخذة في يقظتها، وحرارة دم الحسين عليه السّلام لاتزال حديثة الأثر فيها بما لذلك الدّم الزّكي من هيجان القسوة الواقعة من السّلطة على الجميع وقوّة عاطفيّة في النّفوس يتزايد بها الغليل كلَّما اتّضحت معالم القسوة ووقائع كربلاء أكثر فأكثر في إعلامٍ مستمر ومتجدّد لا يجيء إلا بما هو مؤلم ولا يفضي إلا للمطالبة بالحق وطلب النُّصرة؟!

     فجاء الجواب على هذا التّساؤل المهم بأنّه يتّضح من خلال تناول كل سلوك من تلك السّلوكيّات وعرضها على تلك الظّروف لمعرفة مدَى تناسبها معها، وهل أنّها كانت أصلح وأوفَى بهذه المرحلة، أم أنَّ ما سلكه الإمام عليه السّلام في هذه الفترة كان هو الأكثر تناسباً بل والمتعيّن مِراسه من بين بقيّة الأدوار المقترَحة.

    فتناولنا خيار السّيف والمواجهة بمنطق السِّلاح والقوّة، وفيما يلي نتناول الخيارات الأربعة الباقية بصورة شاملة بشيء من الفرض والنّظر، وذلك كالآتي:

     

    (b)- خيار المعارَضة:-

    أمّا اتّخاذ دور المعارِض من قِبَل الإمام عليه السّلام فقد كان من أبرز ما هو متحقّق في شخصه على طول الفترة بما يحمله من تناسق وتوافق تام مع هذه المرحلة، تماماً كما كان حاله طوال مسيرته ليزيد في الشّام ومواقفه الثّابتة بما قدّم فيها من احتجاجات على النّاس وتبيين قرابته لرسول الله والآيات الواردة فيهم.

    ثمَّ إن أجوبته الصّريحة الّتي كان يواجه بها النّاس، ومواقفه الّتي يصوغها في كل مناسبة تحمل ما يذكِّر بمصرع أبيه عليه السّلام، كل ذلك دليل على استمراره في سلوك معارضته حتّى في فترة ما بعد كربلاء، فمثلاً عندما دخل عليه المنهال بن عمرو فسأله:

    “كيف أصبحت يا ابن رسول الله؟

    فقال: أصبحنا والله بمنزلة بني إسرائيل من آل فرعون يذبّحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، وأصبح خير البريّة بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يُلعن على المنابر، وأصبح من يحبّنا منقوصاً حقّه بحبِّه إيّانا”[1]؛ فهذا الجواب وأمثاله الكثير إنّما يحمل مؤشّراً بَيِّناً على سلوكه عليه السّلام لهذا الطّريق في هذه الفترة أيضاً، بما يُبَيِّن حقيقة استمراره وفق منهجه السّابق في الفترة السّابقة.

    وكذا موقفه تجاه رأس ابن زياد عندما أرسله إليه المختار الثّقفي في عهد عبد الملك بن مروان الّذي حكم بعد أبيه مروان بن الحَكَم من بعد معاوية بن يزيد بن معاوية من بعد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حَرْب، حيث أبدَى عليه السّلام في موقفه ما يؤكّد هذه الحقيقة، فقد نقل المؤرّخون الحدث كما يلي:

    “ووَجَّه –أي المختار الثّقفي- برأس عُبيد الله بن زياد إلى علي بن الحسين إلى المدينة مع رجل من قومه، وقال له: قفْ بباب علي بن الحسين، فإذا رأيت أبوابه قد فتحت ودخل النّاس، فذاك الوقت الّذي يوضع فيه طعامه، فادخل إليه.

    فجاء الرّسول إلى باب علي بن الحسين، فلمّا فتحت أبوابه، ودخل النّاس للطّعام، نادَى بأعلى صوته: يا أهل بيت النّبوّة، ومعدن الرّسالة، ومهبط الملائكة، ومنزل الوحي! أنا رسول المختار بن أبي عُبيد معي رأس عُبيد الله بن زياد، فلم تبقَ في شيء من دور بني هاشم امرأة إلا صرخت، ودخل الرّسول، فأخرج الرّأس، فلمّا رآه علي بن الحسين قال:

    أَبْعَدَه الله إلى النّار”[2]؛ فجسّد موقفه عليه السّلام علامةً على مضيِّه في لهذا السّلوك.

    هذا وما نقله المؤرّخون من حاله طوال حياته الّتي قضاها في الأسَى والألم والحزن على ما آلت إليه الأمّة والأمور في ذرّيّة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، لا يعدو الشّهادة على هذا الواقع، فقد جاء في كتب التّأريخ:

    “روَى بعضهم أنَّ علي بن الحسين لم يُرَ ضاحكاً يوماً قَط، منذ قُتِلَ أبوه، إلا في ذلك اليوم –أي يوم أن بُعِثَ إليه برأس ابن زياد لعنه الله- وأنّه كان له إبل تحمل الفاكهة من الشّأم، فلمّا أُتي برأس عُبيد الله بن زياد أمر بتلك الفاكهة، ففرِّقتْ في أهل المدينة وامتشطت نساء آل رسول الله، واختضبن، وما امتشطت امرأة ولا اختضبت منذ قُتِل الحسين بن علي”.

    بل ودفنه للأجساد الطّاهرة في أحلك الظّروف بعد عَوْدِه من الشّام، وزيارته لتلك القبور بعد ذلك على رغم شدّة رقابة بني أميّة بالمستوَى الّذي كان فيه جابر بن عبد الله الأنصاري صحابي رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلّم يزور قبر الحسين عليه السّلام والخوف وأشكال الإرهاب والتّخويف تحيط به، بما يدلِّل على تشديد السُّلطة في المنع حتّى من زيارة قبر الحسين عليه السّلام بعد رحيله، فزاره الإمام عليه السّلام في زمرة من أهله بكلِّ إقدام، وأخذ فيها يشرح لجابر بكلِّ ألم ما قام به القوم من عدوان.

    هذا وسنشير لاحقاً عند بيان الحقيقة الكاملة لسلوك هذه المرحلة إلى علائم أخَر مهمّة تؤكّد استمراره عليه السّلام وفق هذا السّلوك، حيث سنبيِّن كيف أنَّ الإمام عليه السّلام مضَى في معارضته من هذه الفترة وبطريق آخر فذ دقيق وبارع بشكلٍ لم يسبق له نظير.

     

    (c)- خيار المعاهَدة والصّلح:-

    أمّا المهادنة فكانت من أسوأ وأتعس الخيارات المطروحة، فهي خيار لا يتّخذه -في هذا الظرف- ضعيف الفهم فضلاً عن الإمام المعصوم أو المتّزن، فكيف للإمام أن يعاهد يزيد بن معاوية في ظل كل ما جرَى ويجري، وماذا سيُحدِث ذلك للدِّين والأمَّة من مكاسب؟!

    بل على العكس، فالمهادنة هنا تعني إخماد كل أثر صنعه الحسين عليه السّلام بجهاده وتضحياته، كما يعني إمضاء انحراف السّلطة الفادح، والوقوع في مفسدة ومذلّة عظيمة ستحار في تبريرها الأمّة.

    فالحسين عليه السّلام الّذي أبَى هذا الخيار مع يزيد بكل منعة، وضحَّى بكلِّ شيءٍ في سبيل عدم الإعطاء بيده إعطاء الذّليل له، بل والّذي كان أساس حركته يهدف لفضح مفاسده على الدّين والأمّة، كيف لابنه الإمام زين العابدين عليه السّلام أن يغفل عن كل ذلك، ويدخل في خيار من هذا القَبيل؟!

    أضف إليه –تبعاً- كونه عليه السّلام في موقف المطالِب ليزيد بدم أبيه ومن قُتلوا معه، والمعارض لفسق هذا الفّاسق بما أكّده في خطابه له في مجلسه بالشّام وطوال مسيرته في السّبي.

    إذن هذا الخيار فاسد أيضاً.

    نعم؛ قد يقول قائل: إنَّ التّأريخ نقل لنا أنَّ علي بن الحسين عليهما السّلام بايع يزيد بن معاوية وعاهده وصالحه كما فعل ذلك الإمام الحسن بن علي عليهما السّلام من قَبلِه مع معاوية، فكيف يقال بأنّه لم يُقْدِم على مثل هذا الأمر، وكيف يُلغَى من بين الخيارات الوجيهة رغم كونه فِعل المعصوم المعتقَد بعصمته وأنّه لا يخطئ -ولو في خصوص تبليغ أمور الدِّين- عندكم؟! بل أزيد منه أنّه كان السّبب الأوّل في خضوع أهل المدينة ونزولهم على بيعة يزيد بعد أن رفضوها وامتنعوا عنها وحاربوه وذهبت دماؤهم هدراً، إتّباعاً منهم إليه لّـما رأوه قد قَبل بذلك وهو شيخ المدينة وابن رسول الله وواجهة بني هاشم!

    جوابه: أنَّ النّص التّأريخي على تقدير صحّته، والتّسليم بوقوع هذا الحدَث، فإنَّ هذا الكلام لا يَرِد في المقام وليس دليلاً على معاهدته عليه السّلام ليزيد، ونزوله بأهل المدينة على حُكمِه وفساده، فالنّص التّأريخي يقول:

    “وَجَّه –أي يزيد بن معاوية- إلى مسلم بن عُقبة، فأقدَمه من فلسطين، وهو مريض، فأدخله منزله، ثمّ قَصَّ عليه القصّة –يعني رفض أهل الحجاز لولاته وعمّاله وبيعته ودفع الصّوافي من المحاصيل إليه..- فقال:

    يا أمير المؤمنين! وجِّهْني إليهم، فوالله لأدعنَّ أسفلها أعلاها، يعني مدينة الرّسول، فوجَّهه في خمسة آلاف إلى المدينة، فأَوقَعَ بأهلها وقعة الحَرَّة –الحَرَّة أرض ذات حجارة سود نخرة كأنّها أحرقت بالنّار- فقاتله أهل المدينة قتالاً شديداً، وخندقوا على المدينة، فرام ناحية من نواحي الخندق، فتعذّر ذلك عليه، فخدع مروان بعضهم –يعني بعض أهل المدينة- فدخل ومعه مائة فارس، فأتبعه الخيل حتَّى دخلت المدينة، فلم يبقَ بها كثير أحد إلا قُتِل، وأباح حرم رسول الله، حتَّى ولدت الأبكار لا يُعرف مَن أولَدَهُن، ثمَّ أخذ النّاس على أن يبايعوا على أنّهم عُبيد يزيد بن معاوية، فكان الرّجل من قريش يؤتَى به، فيقال: بايع آيةَ أنّك عبد قنّ ليزيد[3]، فيقول: لا. فيضرب عنقه! فأتاه علي بن الحسين فقال:

    علام يريد يزيد أن أبايعك؟ قال: على أنّك أخ وابن عم. فقال: وإن أردت أن أبايعك على أنّي عبد قنّ، فعلتُ. فقال: ما أحشمك هذا، فلمّا أن رأَى النّاس إجابة علي بن الحسين قالوا: هذا ابن رسول الله بايعه على ما يريد، فبايعوه على ما أراد، وكان ذلك سنة 62هـ[4][5].

    والمبرِّر فيما نقول –بعد التّنـزّل لصحّة الخبر وفرض وقوعه- عدّة أمور منها:

    1-أنَّ البيعة ليست صلحاً وإن كانت بسعة مفهومها اللغوي تُعتبر معاهَدة ويَصْدُق عليها ذلك.

    2-أنّ البيعة جاءت في ظرف الجبر والقتل، بل كانت مقرونة بشرط سحيق قائم على العبوديَّة الشّاملة للأب والأم، وكل بيعة تأتي بالإكراه والإجبار ليست ببيعة، وليس من عاقل يحكم عليها بأنّها عهد ومعاهَدة.

    قد تقول: كانت على النّاس بالجبر، أمّا على علي بن الحسين فلم تكن كذلك، حيث جاء بنفسه وبايع بمحض إرادته كما هو واضح في الخَبَر.

    وهذا أقل ما يجاب عليه هو أن يقال: بأنَّ أهل المدينة كانوا عبارة عن بني هاشم وغيرهم، وأنَّ الإمام لو لم يخرج لذلك فسيخرج بالقوّة، فليس حاله أفضل من حال أبيه الحسين الّذي أُجبِرَ على البيعة في المدينة ثمّ في مكّة ثمّ في العراق، فلمّا أبَى قُتِلَ شرَّ قتلة، فمن قَتَلَ أهل المدينة وفعل ما فعل بفتياتها وعلمائها وقرّائها وحرمها أكان سيرتدع عن رجل منها كان الألذ خصاماً وعداءً له في الشّام وغير الشّام؟! وهل كان الطّاغوت يزيد الصَّلِف المتعجرف الّذي أمر بقتل هذا الرّجل سلفاً سيرتدع عن قتله الآن وقد تمكّن من قومه ومن المدينة؟!

    كلا، بل إنَّ أوّل غدرة سيَغدر بها ستكون على أساس أنّه المحرِّك لمعارضة أهل المدينة، ممّا سيجعله أوّل من يلزم قطع رأسه قبل غيره، فيزيد لا يَعتبر بمن هذا ولا بما هي منزلته، كيف ذاك وهو لم يقف عند حد في وقائع ما بعد المدينة ممّا أحدثَه في مكّة وحرم الله تعالى!

    3-إنَّ الإمام بوعيه وحِنكتِه بايع على شرط ولم يخلفه، وكان واقعيّاً في معاهدته وصادقاً في قوله وفعله، حيث سأل من مسلم بن عقبة الآخذ بالأعناق لبيعة مولاه:

    “علام يريد يزيد أن أبايعك؟”.

    فقال مسلم بن عقبة: “على أنّك أخ وابن عم”.

    فلو تأمّلنا جيّداً في هذا المقطع فلن نعدو عن الحق أنملة، فالإمام بايع على أنّه أخ وابن عم، وهذا أمر واقع لا خلاف فيه، ولم يبايِع على أنّ يزيد بن معاوية أمير للمؤمنين وحاكم على المسلمين؛ فتفطَّنْ وافهمْ.

    بل حتَّى قوله عليه السّلام مترقِّياً في إجابته:

    “وإن أردت أن أبايعك على أنّي عبد قنّ، فعلتُ”، لا يدل على تنصيبه ليزيد والياً، فكلّنا عَبيد لله بآبائنا وأمّهاتنا، وأنا شخصيّاً أعاهد كل النّاس على أنّي وآبائي وذرّيّتي عبيد لربِّ العزّة جلَّ جلاله، فهل في هذا كلام ومقاصّة وعهد وبيعة ومصالحة ليزيد؟!

    كلا؛ وهذا والله ليس تحويراً لمراد الإمام وظاهر كلامه، بل هو الأصل في البيان؛ لأنّنا نعرف موقفه من يزيد، ويجب أن نفسّر كلامه وفق مواقفه تجاهه، وواضح أنَّ مواقف الإمام عليه السّلام كانت مضادّة ليزيد، والأصل أن نفسِّر كلام المتكلِّم وفق مواقفه لا على خلافها؛ فلا تجنّي فيما قلناه.

    بل ومثل فعله عليه السّلام ما فعله الحسين عليه السّلام وعبد الله بن الزّبير مع يزيد –في الخبر الّذي ذَكرناه سابقاً- حينما “كَتَبَ إلى الوليد بن عُتبة بن أبي سفيان، وهو عامل المدينة:

    إذا أتاك كتابي هذا، فأحضر الحسين بن علي، وعبد الله بن الزّبير، فخذهما بالبيعة لي، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما، وابعث لي برؤوسهما، وخذ النّاس بالبيعة، فمن امتنع فأنفذ فيه الحكم، وفي الحسين بن علي وعبد الله بن الزّبير، والسّلام.

    فورد الكتاب على الوليد ليلاً، فوَجَّه إلى الحسين وإلى عبد الله بن الزّبير، فأخبرهما الخبر، فقالا:

    نُصْبِح ونأتيك مع النّاس. فقال له مروان:

    إنّهما والله إن خرجا لم ترهما، فخذهما بأن يبايِعا، وإلا فاضرب أعناقهما. فقال:

    والله ما كنت لأقطع أرحامهما! فخرجا من عنده وتنحّيا من تحت ليلتهما، فخرج الحسين إلى مكّة…”[6].

    فالحسين عليه السّلام وعبد الله بن الزّبير قالا لوالي يزيد بأنَّ بيعتهما له ستكون صباحاً مع النّاس، فخرجا في نفس تلك الليلة من المدينة، ومع ذلك فهما لم يخلفا وعدهما له، وإنّما شرط البيعة هو الّذي تَـخَلَّفَ ولم يقع، لذا تخلَّفت المبايعة؛ حيث لم يُصْبِحا، وبالتّالي لم يأتياه مع النّاس، إذ خرجا ليلاً قبل حلول الصّباح؛ أو نفْس أهل المدينة لـمّا رفضوا مبايعة يزيد، لم يكن بإمكانهما أن يأتيا مع النّاس، فتخلَّف شرط كلامهما، لذا لم يقع إشكال فيه، خصوصاً وأنَّ الخبر يقول: “فإن امتنعا فاضربْ أعناقهما، وابعثْ لي برؤوسهما”، ولم يقُل: فاضربْ عنقاهما وابعثْ لي برأسيهما، وواضح أنَّ تعبيره بالجمع دون المثنَّى يشير لعلمه برفض النّاس لبيعته؛ فلاحظ.

    4-لو وسّعنا دائرة هذا الموقف لحكّام بني أميّة؛ فإنّنا نجد أنَّ الإمام عليه السّلام قد ثبت على مبدئه في رفض كل ظالم منهم، فحكّام بنو أميّة هل كانوا يزيداً وحده فقط؟!

    كلا؛ فمن حكم الدّولة الإسلاميّة من بني أميّة كُثُر، ففي عهد الإمام زين العابدين عليه السّلام الّذي تسلّم أمر الإمامة بعد أبيه الحسين فترة طويلة تقارب الـ 34سنة –على أقل الرّوايات في تاريخ استشهاده عليه السّلام- قد حكم المسلمين من بني أميّة –وفق ما بيّنّا- عدد كبير من أبناء هذه الشّجرة الملعونة، فبعد يزيد بن معاوية حكم ابنه أبو ليلَى معاوية بن يزيد المدفون بدمشق –وكان رجلاً صالحاً في سلوكه ورفضه ظلم أبيه وجدّه واعتزاله الحكم كما أشرنا سلفاً في أحد الهوامش من الحديث الماضي- ثمّ مروان بن الحكم –الّذي طرده عبد الله بن الزّبير من الحجاز فسار للشّام ونازع ابن الزّبير في البلاد- ثمَّ ابن مروان عبد الملك، ثمَّ أبناء عبد الملك وأوّلهم ابنه الوليد بن عبد الملك بن مروان، ثمَّ سليمان بن عبد الملك، …، فالإمام عاصر جميع هؤلاء السّلاطين بل وأدرك شطراً من عهد عمر بن عبد العزيز، كما عاصر ولاتهم في المدينة وغيرها، فلم تكن حياته وإمامته مشغولة بيزيد بن معاوية فحسب، فهو طوال هذه الحقب المتعاقبة والحكومات المتتالية كان ثابتاً على مبدئه في رفض الظّالمين وحكومات الجور.

    هذا من جهة، ومن جهة أخرى، نعلم أنَّ كل من جاء للسّلطة بعد يزيد من بني أميّة ما كان يقاس به في الظّلم والطّغيان والانحراف، حيث كان عهد يزيد أشدّ ما مرَّ على الأمّة وأوقعها في آلاف البلايا والمحن، وبالتّالي نستفيد أنّه لو كان الإمام عليه السّلام راضياً بالبيعة ليزيد والنّزول بأهل المدينة على حكمه وولايته، رغم كونه أشد حكّام بني أميّة فسقاً وفساداً، لكان من الأَولَى أن يبايِع غيره من حكّام هذه الطّائفة، ولـمّا لم يبايِع من هو أقل فساداً ولم يحمل المسلمين على ذلك، ثبت أنّه بريء من أي نسبة –بالرّضا- تُنسب إليه في ذلك تجاه يزيد بن معاوية.

     

    فإن قيل:

    إنَّ نُصْح علي بن الحسين لحكّام بني أميّة وتوجيهه الرُّسُل برسائل الإرشاد والتّقويم لهم يدلِّل على إقراره بالولاية لهم وإمضائه لحكومتهم ونزوله على بيعتهم، فمثلاً نجده في الخبر المعروف كيف يبيِّن ليزيد بن معاوية طريق التّوبة لـمّا أَبْرَقَ إليه يزيد يسأله عن السّبيل إلى ذلك، وكذا الحال في رسالته لعبد الملك بن مروان بن الحَكَم لـمّا أثنَى على فعله عندما طَلَب من واليه الحَجّاج بن يوسف الثّقفي وهو على المدينة أن يجنّبه دماء آل أبي طالب، فبشّره الإمام بأنَّ الله قد زاد له في مُلْكِه[7].

    فجوابه: أنَّ هذه المواقف لا دلالة فيها على ما ذُكِر، بل الأمر على العكس من ذلك تماماً، مضافاً إلى أنَّ الإمام عليه السّلام ليس دوره في الأُمّة إلا الإصلاح والتّقويم، وهل للإمام وظيفة غير هذه؟

    لا شك ليس له مهمّة في خَلْقِ الله سِواها، فإذا جاءه العاصي يَطلب منه النّصح والإرشاد إلى سبيل الله، فهو أولَى من غيره من العُصاة المنحرفين، ويزيد –الّذي لم يعتنق التّوبة واستمرَّ في عناده وفساده- طَلَبَ ذلك من الإمام وكان عليه من منطلق إمامته وواجباته وفرع الدِّين الآمر بالدّعوة للمعروف والنّهي عن المنكر بالحُسْنَى أن يجيبه بأحسن الجواب.

    وأمّا كيف يدلِّل ذلك على العكس؛ فلأنَّ الإمام عليه السّلام في نفس الخبر المذكور في شأن يزيد بن معاوية وطلبه للتّوبة سألته عمّته زينب بنت علي بن أبي طالب عليهم الصّلاة والسّلام عن استجابته لذلك وقد فَعَلَ ما فعل بأبيه الحسين عليه السّلام وعترة رسول الله والصّفوة من الصّالحِين؟!

    فهذا التّساؤل من شخص كزينب عليها السّلام القريبة من الإمام عليه السّلام فيه بيان لحال الإمام في رفضه ليزيد وخلافته، وإلا لما حَقَّ لها أن توجِّه له سؤالاً من هذا القَبيل فيما لو كان ممّن قَبِلَ ببيعته وأقرَّ بحُكمِه، فليس بوجيهٍ أن يستفسر العاقل من الغير عمّا ينسجم مع عهد من عهوده، هذا فضلاً عن أنَّ الخبر غير معلوم التّأريخ، فقد يكون وقع قبل حادثة الحَرَّة وموقف مسلم بن عُقبة مع الإمام وقد يكون وقع بعدها.

    وأمَّا دلالة ذلك على العكس فيما ذُكِرَ في شأن عبد الملك بن مروان، فتظهر في نفس قوله لواليه الحَجّاج بن يوسف في أن يجنّبه دماء آل أبي طالب، فلو كان بنو هاشم قد نزلوا على حكم بني أميّة لما قال ذلك فيهم، وهل الإمام عليه السّلام إلا واجهة آل أبي طالب، وبيعته للحاكم تعني بيعتهم إليه؟ بل وفي قيام الإمام بالرّد على كلامه علامة بيّنة على ذلك.

    ومن هنا يتّضح أيضاً ما قد يقال في أنَّ الإمام دفع أهل المدينة لقبول بيعة يزيد.

    ثمَّ من قال أنَّ الإمام حمل أهل المدينة على البيعة؟ ومتَى كان مطاعاً فيهم ليذهبون لما ذهب إليه؟ فهل من الإنصاف أن يُعزل النّاس عن الإمام عليه السّلام في كل الأمور الحسنة ويُنسبون إليه في الأمور السّيّئة ويُتعلَّل به في كل مشين؟ ما هذا بالعدل والإنصاف.

    فالإمام ما كان مطاعاً بين القوم كما عرفت، وإن كان مكرَّماً في فئة خاصّة ومعتَبَر الإمامة عندهم آنذاك، مضافاً إلى أنّه بفعله هذا حمَى أهل المدينة وإلا لأفناهم الحاقد عن بكرة أبيهم كما أفنَى الكثير من حفّاظ القرآن من هذه البقعة المباركة، وداس على الأعراض وانتهك شرف كل شريفة، لحتَّى قال الرّاوي في الخبر المذكور:

    “فلم يبقَ بها كثير أحد إلا قُتِل، وأباح حرم رسول الله، حتَّى ولدت الأبكار لا يُعرف مَن أولدهن، ثمَّ أخذ النّاس على أن يبايعوا على أنّهم عبيد يزيد بن معاوية، فكان الرّجل من قريش يؤتَى به، فيقال: بايع آيةَ أنّك عبد قنّ ليزيد[8]، فيقول: لا. فيضرب عنقه!”.

    هنا جاء الإمام عليه السّلام ليحل هذه المعضلة الوخيمة، ففَعَلَ ما فَعَل، وحقن الدّماء، وإلا لم يبقَ من أهل المدينة مخلوق كما لم يبقَ من رِجال كربلاء ممّن مع الحسين عليه السّلام رَجُل وهم أشرف الرِّجال! فهل في هذا مصالحة أو شيء ممّا قد يُدَّعَى؟!

    بل وكما أسبقنا، لو كان الإمام مطاعاً لسلك أهل مكّة سلوكه بعد أن ارتحل أزلام يزيد من المدينة وواقعة الحرَّة لمكّة المكرّمة ففعلوا بها وبأهلها ما فعلوا، فلا أهل الحجاز كانوا على رأيه عليه السّلام كما لم يكن أهل العراق على رأيه، فليس هذا إلا بَرهنة على أنَّ البيعة –على فرض وقوعها- قد حصلت في ظرف الجبر والقتل والتّرهيب، والضّرورات تقدَّر بقدرها.

    ولَعَمْري أي طاعةٍ تلك الّتي كانت للإمام عليه السّلام والجمع كان حول عبد الله بن الزّبير الّذي نصب نفسه للخلافة وبايعه النّاس وامتدّت سلطته في الأرجاء وراح يُحْدِث بدعاً في الحج وأمور جديدة في الكعبة يوم بناها بعد هدمها، فما أنكرت عليه النّاس، بل استنّت بسنّته الحادثة، والّذي أخذ يتبجّح بظلم بني هاشم وسبّهم والتّنكيل بهم في كل مكان فلا يردعه أحد.

    وهل للنّاس إلا أن تلتف جموعهم إلا حول أمثال ابن الزّبير الّذي لو كانت له القدرة على طحن بني هاشم والنّقمة من علي بن أبي طالب لطحنهم طحناً وأبادهم شرَّ إبادة؟ فالقاعدة كانت: “اطعنْ ونَكِّل بأهل البيت وبني هاشم ومجِّد أعداءهم تَسُد”، تماماً كما هو حال الأمّة اليوم القائمة فيها كرامة المسلم على الرّضا عن يزيد والتّرضّي عنه هو ومَن قبْله ومَن بعده من الظّالمين، وعلى الإساءة لقرابة رسول ربِّ العالمين!

    فإن قيل: كيف لم يكن الإمام مطاعاً بين القوم، وكانت خلافة عبد الله بن الزّبير تضيّق عليه في تحقيق أهدافه في حين أنَّ القصيدة الفرزدقيّة المعروفة خير شاهدٍ على خلاف ذلك، فالفرزدق لـمّا ألقَى أبياته المشهورة في الإمام عليه السّلام، لم يلقِها في حظيرة من حظائر الأعراب أو الأعاجم، أو في زاوية من صحراء الحجاز، أو في موقف عابر، وإنّما ألقاها 1- في مكَّة 2- في موسم الحج واكتظاظ النّاس خصوصاً في تلك السّنة الّتي انهالوا فيها بكثافة كبيرة على الحَج وخصوصاً أهل الشّام بعد أن منعهم ابن الزّبير عن ذلك 3- في حضرة أحد سلاطين الدّولة الإسلاميّة وممثِّل حاكمها 4- في حالة كانت الصّفوف تُشَق فيها للإمام في كل شوط يدوره حول الكعبة فيَستلِم الحَجَر!

    قلنا مضافاً لما قدّمناه من براهين وأدلّة في دفع ذلك عند الكلام عن المانع الثّالث من موانع السّير وفق منطق السّيف والقوَّة: إنَّ هذا الكلام صحيح؛ ولكّنه أَغفلَ نقطة مهمّة، هي الّتي جعلته يقع في هذا التّساؤل والاشتباه، وذلك لأنَّ هذه الحادثة لم تقع في أيّام عبد الله بن الزّبير وخلافته أساساً، وإنّما وقعت بعد مقتله، وقضاء بني أُميّة عليه.

    هذا أوّلاً، وثانياً، إنَّ الفرزدق لـمّا قال أبياته في الإمام عليه السّلام واكب ذلك الفترة الحرجة الّتي كان يمر فيها مُلْك بني أُميّة، بعد رسوخ انحرافهم في أذهان النّاس عَقيب ممارسات طويلة واستئثار بالخلافة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى واكب ذلك الفترة الّتي بان فيها أمر الإمام زين العابدين عليه السّلام للجميع، وقد بلغ من عمره الشّريف مرحلة متقدِّمة مليئة بالجهاد والاعتدال والعلم والتّضحية.

    ومن جهة ثالثة، كانت حيرة النّاس ومقتل ابن الزّبير في مكة وظهور فساد الأسرة الحاكمة وإدراك الأمّة لمكانة الإمام عليه السّلام، كل ذلك كان يدفع بالنّاس لمثل هذه الأفعال، تماماً كما كان أمر النّاس مع جدّه الإمام علي عليه السّلام بعد إقصائهم له عن حقّه ثمَّ إلزامهم له بقَبول ذلك الحق والتفافهم حوله، ولهذا نجد هشام بن عبد الملك أنكر معرفته للإمام عليه السّلام! مع أنّنا لا نقبل انكاره هذا بتاتاً، كيف؟! وهو العارف به بل والأعرف به من بين الجميع وقد شهد على ذلك بنفسه، مضافاً لما سنبيّنه تحت العنوان التالي.

     

    واقع إنكار هشام لمعرفة الإمام علي بن الحسين في ظل ادّعاء طاعة الناس له (ع):-

    إن إنكار هشام بن عبد الملك لمعرفته بالإمام عليه السّلام إنّما جاء في صدد ردّه على سؤال السّائل عنه حسب ما هي عليه أكثر المرويّات التّأريخيّة، فضلاً عن أنَّ المرويّات كلّها تشير ضمناً أو صراحةً بأنّه تساءل بنفسه عن ذلك الرّجل الّذي فتحت النّاس له الطّريق في الزّحام المشتد ليستلم الحَجَر المبارك، فالأخبار تبيّن أنَّ الـمُسَاءَلة كانت هكذا:

    رجل يَسأل هِشاماً، ثمَّ هشام يَسأل ناكراً لمعرفته بالإمام، فأجاب أبو فراس المعروف بالفرزدق، أو لا أَقَل هشام –حسب صراحة الرّوايات الّتي صَرَّحَت- يَسأل فأجابه الفرزدق، فعلَى كلا التّقديرين كان هِشام ينكر معرفته بالإمام، رغم معرفته الكاملة به، كما بَيَّن المؤرِّخون كابن عساكر وغيره، وهذا يكشف لنا عن حقيقة ما قلناه، حيث كان القلق يساور بني أُميّة تجاه النّاس وتعلّقهم بالإمام عليه السّلام في تلك الفترة، فجاء الإنكار بهدف صرف النّاس عنه عليه السّلام والتّقليل من شأنه، خصوصاً وأنَّ السّائل -حسب الرّوايات القائلة بوجود سائل يسأل من هِشام- كان شاميّاً، وكان الشّاميّون بأعداد كبيرة في تلك الحجّة، فصرَفَهم ذلك الصّرف الهجين الّذي هو بمثابة مناطَحة الضّعيف لجبلٍ من الجبال الشّاهقة، فالنّاس تفرج صفوفها لرجلٍ سماطَين إفراجاً عجيباً باهراً، ثمَّ تروم لصرفهم عنه بإنكار معرفته؟!

    وإن كان –في الواقع- فعل النّاس في هذه الحادثة في الـحَج تعاطفيّاً واحتراماً له ولنَسبه عليه السّلام بدرجةٍ ما كما صرَّحت به الرّواية التّأريخيّة بقولها “هيبةً له وإجلالاً”، وليقوم بأداء مناسكه وعبادته على أتم وجه كفقيه عالم عابد من ذرّيّة الطّاهرين –تماماً كما نرَى في تعامل النّاس عادةً مع العلماء والسّالكيِن- لا لأنّه قائد للأمّة؛ بدليل أنَّ النّاس ما كانت تنـزل على أمره حسب ما نحن في صدد إثباته من البراهين والأدلّة.

    قد يقال: لكن الحادثة وقعت في زمن عبد الملك بن مروان الّذي عاصر حُكمه حُكم عبد الله بن الزّبير، وكان هو القاتل لعبد الله بن الزّبير عن طريق واليه الحَجّاج بن يوسف الثّقفي بعد أن طرده عبد الله بن الزّبير مع أبيه من مكّة أيّام حكمه، ممّا يوجِد لدينا احتمالاً بوقوع ذلك قبل مقتل ابن الزّبير، وبالتّالي هذا ينفي عدم حيازة الإمام لطاعة النّاس له في تلك الفترة، وقد صَدَرَ منهم موقف غير عابرٍ من هذا القَبيل.

    وردّه: أنَّ الرّوايات التّأريخيّة تقول بأنَّ الواقعة حصلت في زمن خلافة عبد الملك بن مروان –الّذي حكم بعد أبيه مروان بن الحَكَم مباشرة- مع هِشام، كما أنَّ هناك روايات تأريخيّة تقول بأنَّ الواقعة حصلت مع هِشام في زمن خلافة الوليد بن عبد الملك الّذي حَكَم بعد أبيه عبد الملك بن مروان مباشرة، كما أنَّ هناك روايات ردَّدت في الخَبَر بين وقوعه مع هشام في فترة عبد الملك أو الوليد.

    فلدينا ثلاث طوائف من الرّوايات، غير أنَّ الرّوايات القائلة بأنّ الحدث وقع في زمن الوليد بن عبد الملك أكثر، والرّاوي في أسناد الخبر تقريباً واحد.

    ثمَّ على فرض أنَّ الواقعة حدثت في زمن عبد الملك وخلافته، فهذا لا ينفي وقوعها بعد مقتل عبد الله بن الزّبير الّذي قُتِلَ في مكّة في فترة حُكْمِ عبد الملك بن مروان هذا.

    أمّا لماذا؟ فلأنَّ لدينا وثائق وشواهد تأريخيّة كثيرة متّفِقة، تؤكِّد على أنَّ بني أُميّة ما كانوا على قدرة في الدّخول لمكّة في فترة سُلطة عبد الله بن الزّبير في الحجاز، حيث طردهم منها قبل حُكم مروان بن الحَكم الّذي هو والد عبد الملك وجَدّ الوليد، ناهيك عن منعه الشّاميِّين من الحج، فكيف بملوكهم؟

    فثَبَتَ لدينا أنَّ الإمام عليه السّلام لم يكن هو الموجِّه لا لأهل مكّة ولا لأهل الحجاز ولا لغيرهم، وإن كان بحنكته قد أنقذ أهل المدينة من يد مسلم بن عُقبة الذي تَوَجَّه بعد أخذ البيعة لمكّة فوقع فيها ما وقع من هدم للكبة المشرَّفة وانتهاكات وقتل عن طريق وصيّه.

    أمّا الرّواية التّأريخيّة في مناسبة قصيدة أبي فراس الفرزدق فهكذا:

    “أنّ هِشام حَجَّ في خلافة عبد الملك أو الوليد، فطاف بالبيت وأراد أن يَستلم الحَجَر فلم يقدر عليه من الزّحام، فنصب له منبر فجلس عليه، وأطاف به أهل الشّام، فبينا هو كذلك إذ أقبل علي بن حسين، عليه إزار ورداء، أحسن النّاس وجهاً وأطيبهم رائحة، بين يديه سجّادة، كأنّها ركبة عنـز، فجعل يطوف بالبيت، فإذا بلغ إلى موضع الحَجَر تنحَّى النّاس له عنه حتَّى يستلمه هيبة له وإجلالاً، فغاظ ذلك هشاماً، فقال رجل من أهل الشّام لهشام: مَن هذا الّذي قد هابه النّاس هذه الهيبة فأفرجوا له عن الحَجَر؟ فقال هشام: لا أعرفه؛ لئلا يرغب فيه أهل الشّام، فقال الفرزدق وكان حاضراً: لكنّي أعرفه، فقال الشّامي: مَن هو يا أبا فراس؟ فقال الفرزدق…”[9].

    وقد نقل ابن عساكر الحادثة هكذا أيضاً:

    “حَجَّ هشام بن عبد الملك في خلافة الوليد، فكان إذا أراد استلام الحَجَر زوحم عليه، وحجَّ علي بن الحسين وكان إذا دنا من الحَجَر تفرَّق عنه النّاس إجلالاً له، فوجم لذلك هشام وقال: مَن هذا فما أعرفه، وكان الفرزدق واقفاً…” [10].

    فواعَجَباً! هل يُعقل أنّ هؤلاء، هشام وأمثاله، لا يعرفون مثل علي بن الحسين عليه الصّلاة والسّلام! فهل هذا الإمام العملاق الّذي اخترق آفاق السّماء قبل آفاق الأرض، ولي صرعى كربلاء، مُقِض مَضجع يزيد، ومُلتجاه، ومدوِّي أفئدة السّلاطين، والد زيدٍ ومحمّد الباقر، قطب آل عليٍّ والهاشميّين من السّادات الميامين، رئيس العُبّاد ومَنجَى الأمّة من مهلكة الرّوم ومهالك آل أميّة، ممتدَح عظماء الجمهور، قريب كسرى قيصر، محور رايات الثّائرين النّاقمين المتقرّحين، هل هو نكرة تتخبَّط به المعرفة كي لا يعرفه مبعوث الحاكم وعينه ورئيس الدّولة!

    والنّازعات لو سمعَتْ بهذا الثّكلى لضحكَتْ؛ بل لَهوَ طعنٌ فيه وفي بني أميّة فيما لو جَهِل حقّاً معرفة الإمام عليه السّلام وهو الغاصب حليف الغاصب مدّعي الإحاطة، وهو الدّاخل في صراعٍ تلو صراع مع الرّجل وقومه الطّاهرين من آل ياسين، فكيف قَصُرتْ عَسس الأمويِّين عن الدِّراية بمن في تلك الدِّيار الطّاهرة الحسّاسة الملتهبة، وعن رصد تحرّكات شخصيّة تَحُوسُ عن المنام جفون العيون كعلي بن الحسين صلوات الله وسلامه عليهما! حَذِّقْ النَّظر وأَعمِلْ القريحة تَفْهم.

    فابن عساكر نقل كلا المقطعين في كتاب واحد، وهو تأريخ دمشق، وجاء نقله لذلك بسَنَد واحد تقريباً بنفْس الرّواة، كما أشرنا سابقاً لرواية ذكرت الحادثة وبيَّنت كيف أنَّ الفرزدق عُذِّب بسبب قصيدته وردّه القاصم.

    ثمَّ إنَّ هشام بقوله في الرِّواية الأولى ردّاً على الشّامي “لا أعرفه”، يكون إخلالاً شخصيّاً منه بقدرات بني أميّة أمام الملأ؛ إذ ما للشامي إلا أن يقول في نفسه: ما لمبعوث الحاكم وشريك الخِلْسة لا يعرف رجلاً ترتجّ له الأرض، يصول في سلطان أبيه وأخيه –حسب المعتمَد من الرّوايتَين- وهو في غفلة عن شخصه!

    لا تقل: كان الحج وكان الزّحام، فعاق ذلك عن المعرفة به؛ أو أنّ هشاماً أبصر الإمام عليه الصّلاة والسّلام من دُبُر؛ أو أنّه لعدم رؤية وجهه الشّريف سابقاً أو طُول الفراق بينهما مَنع عن المعرفة.

    فالرّد هو الرّد؛ فكل هذه الوجوه عقيمة مردودة، فلا مثل هشام لا يعرف برجلٍ شهير و(إمامٍ) جَلي كعلي بن الحسين عليهما السّلام، ولا علي بن الحسين عليهما الصّلاة والسّلام ذلك الرّجل الّذي يُجهل وعيون الأمويّين وسيوفهم موجَّهة نحوه لا تستذيق أغمادها، والموقف كما ترى موقف الحجِّ والزُّلْفة المشتدّة، واليوم يوم الزّلفى لله والتّقرّب بالجهاد بكل نواحي النّفس، وواقعٌ بعد قتل الزّبير وأتباعه وانكشاف الحقائق، وهشام وليدُ أبناء الحجاز وطريدَيها ومرتضِعي لبنها.

    زِد لكل ما سبق مانعاً آخر، وهو أنَّ الإمام عليه الصّلاة والسّلام هل هو ذلك الشّخص الّذي لأوّل مرّة يزور البيت الحرام ويحج فيَكشف له النّاس اصطكاكهم! فحدَثُ شقِّ الصّفوف خبره بلغ القاصي والدّاني حتّى أصبح عادةً اختصّ بها الإمام عليه السّلام عند النّاس المتهافتة من الآفاق لدى من يعرفه، ومن سمع به ولا يعرفه إلا من معالم هيبته الّتي ما تَركتْ مَسْمعاً إلا طرقته، وهو أبو الدّعاء وصنيع العَذيب من رواقي النّجوى مع الله، وأدعيته الشّاهقة الخلّاقة اخترقت صحارى الحجاز وبوادي الجزيرة لتصل إلى كلِّ شبرٍ قاصٍ عنها من الدّولة الإسلاميّة، ناهيك عن أنّه بعد مقتل الزّبير ما عاد للإمام عليه الصّلاة والسّلام بين المسلمين ظهيرٌ ظاهري أو حقيقي.

    كما أنّنا لو تنزَّلنا بِغضِّ النّظر عن تكرّر حادثة شقّ الصّفوف في أكثر من حَجّة له صلوات الله وسلامه عليه، فاقتصرنا على تلك الحَجّة الّتي كان فيها هشام، فللمتأمِّل في تكرّر انشقاق الصّفوف في الحَجّة الواحدة –كما ذكرت الرّواية- علامات على فرض أنّ سؤال السّائل جاء بعد التّكرّر لا في أوّل انشقاقٍ يراه.

    هذا والعلم عند الله تعالى حول طبيعة ذلك السّائل الشّامي وفق الرّواية الأولى، إذ لا يُدْرَى كيف يكون منه السّؤال لرجل الدّولة المحاط بالحرس المرفوع على منبرٍ يحمله أهل الشّام ويطوفون به أثناء الحادثة وهو فيه، فهل كان الشّامي من نفس الحرس وهو ما لم تَنطق به الرّواية التّاريخيّة من أساس، أم كان سؤال الشّامي صراخاً في لُجَّة الحج، فلم يجد بُدّاً من توجيه السّؤال إلا لذلك المحمول رجل السّلطة الحامل للنّاس على حفظ حرمته بالتّخويف والتّرهيب؟! فلعلَّ للمتأمِّل في هذا لطيفة جيّدة.

    ثمَّ إنّ من أحصن وأبهر العلائم -في المقام- نفس مضمون قصيدة أبي فراس، لله ذَرّه؛ إذ بالتّمعّن الثّاقب في أبياتها نجد إشارة بارعة منه ما أعجبه، حيث لم يَذكر فيها -طولاً وعَرْضاً- اسم الإمام عليه الصّلاة والسّلام صريحاً على الإطلاق، وإنّما اكتفى بذكر مدائحه فيه؛ وهذا بالتّالي يشير وبقوَّة إلى أنَّ الفرزدق كان مدركاً لمعرفة هشام بالإمام عليه الصّلاة والسّلام وتعمّده لتجاهل شخصه الشّهير ممّا جعله يكتفي بذكر المدائح للإجابة عليه، وكأنّه يهجوه في تحايله وإنكاره المعرفة وتحامقه في عرض سؤالٍ تطفّلي كهذا على الدّاري بأنّ سؤاله استحماق لا يليق بأن يعرضه على الرِّجال وأهل الفهم فيقلِّل من احترامه لهم بالاستفسار عمّا لا يَجدر بهم توجيهه إليهم، فكانت إلفاتة حاذقة من الفرزدق رغم شدّة الموقف ورغم ارتجاليّته في الشّعر بما يدل على قوّة شاعريّته وسرعة بديهته.

    وبالتّالي؛ ما منتهَى تصرّف مبعوث الحاكم هذا إلا الإنكار المقصود للتّغطية على أهل الشّام خاصّة وإبعاد النّاس عامّة عن مَنجاهم ريحانة الحسين صلوات الله وسلامه عليه.

     

     (d)- خيار نشر العلوم والانشغال ببثّ المعارف المختلفة بصورة واسعة:-

    أمّا هذا الدّور فالإمام عليه السّلام وإن لم يكن مارسه بمثل ما سلكه الإمام الصّادق عليه السّلام، إلا أنّه مارسه بكلِّ وجوده وفقاً لما يتيحه المجال بطريقة وأخرى، إذ ما كانت الأجواء المتوتّرة في ساحة الأمّة مؤهَّلة للقيام بدور من هذا القَبيل تجاهها، وإلا فإنّ من أهم وظائف الإمام هو ممارسة هذه المهمّة، وقد سبق أن نفينا كونه عليه السّلام كان رجل دعاء وعبادة وعزلة على أساس هذا الأمر.

    فالإمام علي بن الحسين عليهما الصّلاة والسّلام رغم كل العوائق كان معلِّماً بدعائه وعبادته حسبما أوضحنا، بل وكان في سلوكه –كما ينقل التّأريخ- الأشبه بجدّه علي بن أبي طالب عليهما السّلام، ففي الخبر:

    عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام أنّه قال:

    “والله إنْ كان علي عليه السّلام ليأكل أكلة العَبْد، ويجلس جلسة العَبْد، وإن كان يشتري القميصين فيخيّر غلامه خيرهما، ثمّ يلبس الآخر، فإذا جاز أصابعه قَطَعَه، وإذا جاز كعبه حذفه، ولقد ولي خمس سنين ما وضع آجرة على آجرة ولا لبنة على لبنة ولا أورث بيضاء ولا حمراء، وإن كان لَيُطْعِم النّاس على خبز البر و اللحم، وينصرف إلى منـزله فيأكل خبز الشّعير والزّيت والخل، وما ورد عليه أمران كلاهما لله عزّ وجل فيه رضَا إلا أخذ بأشدّهما على بدنه، ولقد أعتق ألف مملوك من كدِّ يمينه تَرِبَت منه يداه وعرق فيه وجهه، وما أطاق عمله أحد من النّاس بعده، وإن كان ليصلِّي في اليوم و الليلة ألف ركعة، وإن كان أقرب النّاس شبهاً به علي بن الحسين عليهما السّلام، ما أطاق عمله أحد من الناس بعده”[11].

    كما كان الرّجل الأوّل في علم التّفسير، حيث وردت عنه روايات كثيرة في هذا المجال، فالمطالع لكتب كبار المفسّرين كتفسير العيّاشي ومجمعِ البيان للطّبرسي وغيرهما من الخاصّة والعامّة، يلحظ بوضوح مدى قيام تفسير الكثير من الآيات على ما ورد عنه عليه السّلام في هذا المجال بما لا يستغني عنه مفسِّر رغم قلّة ما حمله التّأريخ وأوصله لنا عنه.

    كما كان شيخ المدينة المعتمَد في قراءة القرآن، حيث شكّل مدرسةً كبرى في علم القراءات في قِبال قرّاء الحجاز والبصرة والكوفة بأعلامهم البارزة المعاصِرة له من عبد الله بن عبّاس، وعبد الله بن عمر، والمسور بن مخرمة الزّهري، والسّائب بن يزيد، وأبي بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيّب، وعروة بن الزّبير، وعطاء بن يسار، والقاسم بن محمّد، وأبي سلمة بن عبد الرّحمن بن عوف، وسالم بن عبد الله بن عمر، وقبيصة بن جابر، وعُبيدة بن قيس السّلماني، وشريح بن الحارث الكندي، وعبد الرّحمن بن أبي ليلَى، وعبد الله بن يزيد الخطمي، وزيد بن وهب الهمداني، والحارث بن سويد التّميمي، ومُرّة بن شراحيل الهمداني، وأبا جحيفة وهب بن عبد الله العامري الأسدي، ويسير بن عمرو السّلولي، وأبي الشّعثاء سليمان بن الأسود، والأسود بن مالك الحارثي، وابن حراش العبسي، وعمرو بن ميمون الأودي، وعامر بن شراحيل الشّعبي، وعبد الرّحمن بن يزيد النّخعي، وسالم بن أبي الجعد، وعمّار بن عمير الليثي، وعبد الله بن عُمير الليثي، وأبي ظبيان الحصين بن جندب، وسليمان بن يسار، وأبي المليح بن أسامة الهذلي، وسعيد بن جبير، ومجاهد بن جبير مولَى بني مخزوم، وعكرمة مولَى عبد الله بن عبّاس، وحكيم بن أبي حازم شقيق ابن سلمة، وإبراهيم بن يزيد النّخعي، وإسحاق السّبيعي، وأيّوب الأزدي، وأبي تميم الحميني، والحسن بن أبي الحسن البصري، ومحمّد بن سيرين، ومورّق العجلي، وسنان بن سلمة، والعلاء بن زياد، وأبي حازم رجاء بن حياة، وزيد بن أسلم، وأبي جعفر القارئ، وقتادة، والأعرج، ومسلم بن جندب، والقاسم بن محمّد بن أبي بكر، وأبو بكر بن حزم، ويحيَى بن عبد الرّحمن بن حاطب، وعُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، ومحمّد بن كعب القرظي، وعاصم بن عمر بن قتادة، ونافع مولَى عبد الله بن عمر، وسعيد بن يسار، ومحمّد بن إبراهيم بن الحارث التّيمي، وعبد الله بن دينار، ومحمّد بن مسلم بن شهاب الزّهري، وعبد الله بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو، وحبيب بن أبي ثابت، وعبد الـمَلِك بن مَيسرة الهلالي، وعبد الـمَلِك بن يعلَى الليثي، وزيد بن نوفل، وعَلْقَمة بن عبد الله المزني، ومكحول الدّمشقي، وراشد بن سعد، والـمُقْرِئ سليمان بن حبيب المحاربي، وميمون بن مهران، ويزيد بن الأصم، وأبي قَبِيل الـمَعافري، وطاووس اليماني، وغيرهم، فله عليه السّلام بيانات كثيرة في هذا المجال لا يستغني عنها أهل هذا العلم، تماماً كما لا يستغني المفسّرون عن قراءته في بيان المعاني وعلم اللغة.

    فكل هؤلاء العلماء الأعلام المشاهير عاصروا الإمام عليه السّلام، فكان الأبرز فيهم، وليس من مذهب من مذاهب المسلمين ينكر منزلته وعلمه وكانته.

    أضف إليه ما ورد عنه من روايات فقهيّة كثيرة في بيان آيات الأحكام وغيرها، فقد ملأ الشّيخ الطّبرسي وغيره من الأقطاب وكبار الأعلام والمفسرين كتبهم التّفسيرية وغير التّفسيرية بذلك، فكان على الدّوام -حسب ما نُقل له من مواقف كثيرة في كتب التّأريخ والتّفسير والحديث- يصحّح عقائد النّاس وأفكارهم.

    كما له كلمات رائعة في الحِكَم، وأحاديث كثيرة في بيان ثواب السّوَر.

    كما كان الـمُعِد الأكبر لمرحلة ابنه الإمام الباقر عليه السّلام الّذي أقام صرحاً علميّاً رائداً بَنَى في الأمّة وسطاً عظيماً من العلم والمعرفة، فإنَّ مناسَبة قصيدة الفرزدق خير دليل على إعداده الأمّة لذلك.

    هذا وتهيئته لتلاميذ من ذوي الباع الطّويل والثِّقل الكبير كابنه زيد، وكجابر بن عبد الله الأنصاري المتوفّى سنة 78هـ صحابي رسول الله صلّى الله عليه وآله سلّم كثير الرّواية عنه وشيخ الصّحابة وراويهم الّذي كانت له حلقة علميّة في المسجد النّبوي في أواخر حياته المباركة، وأبي حمزة الثّمالي، وبِشر بن حذلم، والمنهال بن عمرو، وغيرهم، فتهيئته لمثل هؤلاء العمالقة، وبثّه لهم في الأقطاب بعلومه ومعارفه من أجلا البراهين على سلوكه لهذا الدّور بما يتوافق ويتناسق مع هذه المرحلة بصورة تامّة.

    فكل ما ذكرنا يمثل شيئاً يسيراً من الأسباب الّتي دعت مادحيه لوصفه بالعلم والسّلوك والمعرفة، كيف لا وهو الّذين كان يُنقل عنه عن زُرارة عن أبي جعفر عليه السلام قوله:

    “كان علي بن الحسين عليه السّلام يقول: لولا آية في كتاب الله لحدّثتكم بما يكون إلى يوم القيامة.

    فقلت: أيّة آية؟ قال: قول الله: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}[12][13].

    كل هذا فضلاً عن أنّه كان المؤرِّخ الأوَّل والأوثق لأحداث الفترة السّابقة بما أوصلَه للأمّة عن حادثة كربلاء ومصرع أبيه ومن معه، حسب مواقفه مع النّاس وبيانه لأهل العِلم والرّواية كجابر بن عبد الله الأنصاري وغيره، كما كان المصحِّح والرّقيب على نقولات الآخرين في ذلك، خصوصاً وأنَّ الخرافات والتّشويهات الّتي نالت حادثة الطَّف لا تُعد ولا تُحصَى، لذا نهَى الأئمّة عليهم السّلام عن الأخذ من بعض ألئك الدّجّالين.

    أضف إلى هذا ما وافيناك به عند الكلام عن قياس درجة التّطابق العملي مع غايات هذه الفترة، وكذا ما سنوافيك به عند بيان الحقيقة الكاملة لسلوك هذه المرحلة.

     

    (e)- خيار التّثبيت على الخط والتّصدّي لدفع دواعي التّخبّط والحيرة:-

    وهذا الخيار وإن لم يكن برز في سلوكه عليه السّلام بمثل ما برز في سلوك الأئمّة الثّلاثة، الإمام علي بن محمّد الهادي والإمام الحسن العسكري وابنه الإمام المهدي عليهم أفضل الصّلاة وأتم التّسليم حسب بياننا في أوّل الكلام، إلا أنّه كان يمارس ذلك بما يساوق درجة تحرّكاته ووفق فوارض المرحلة وعوارض حادثة الطَّف ومهامّه الأخرَى، حيث كانت المعارف آنذاك لا تزال شائعة بين أطياف الأمّة حليفة العهد بالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم والوحي والرّسالة، والعلماء والحفّاظ قد ملؤوا الأرجاء بأعداد كبيرة، غاية الأمر أنّ النّاس كانوا في بُعد عن العمل بها، وبحاجة لهزِّ وجدانهم تجاهها وتحريكهم لامتثال دواعيها ومطالبها، والتّفطّن إلى أنَّ التّهاون بالعمل يؤدّي لسلطة الفاسق وقيام الجور وفساد الأمور، وإدراك حقيقة: كما تَكُونوا يولَّى عليكم.

    إذن؛ نتج ممّا سبق: أنَّ الأمثليّة في السّلوك كانت فيما اتّخذه الإمام عليه السّلام من إجراءات تجاه تلك المرحلة من المراحل، وأنَّ كل ما يُفرض من وجوه وأدوار أخرى إما ينتهي للسّقوط والفشل أو لا يصلح لأن يكون الأبرز في المسيرة، وإن تمَّ تفعيل ذلك بنسبة معيّنة بشرط تقديمها بصورة تتلاءم مع الظّرف الرّاهن، تماماً كما فعل عليه الصّلاة والسّلام.

     

    4- بيان الحقيقة الكاملة لسلوك هذه المرحلة:-

    ثمَّ من قال بأنّ الرّكون للدّعاء يشكّل حالة من العزلة والانعطاف عن منطق المواجهة والحراك الجهادي؟!

    هذا المنظور خاطئ في العديد من جهاته، خصوصاً في مثل نوعيّة الدّعاء الّذي كان يمارسه خصوص الإمام زين العابدين عليه السّلام، وفي مثل خصوص طريقته الفذّة الّتي جعل فيها من الدّعاء موجة نفوذ للعقول والقلوب معاً، فزاوج فيه بين موسيقى الشِّعر من المستوى الرّفيع المؤثّر بأثر الشّعراء العظام وسلاطين البيان بكافّة نواحيه الهجائيّة والبطوليّة وقوالبه العفيفة وغزليّة الملهَم عَذيب المذاق، وبيْن المعاني والقيم والأهداف الّتي بقيت تساور ذاته من أوّل لحظات حياته المباركة إلى آخر يوم رحل فيه عن هذه الدّنيا.

    وخصوصاً عندما نلاحظ حركة الدّعاء بما هي مراس جَمْعي لا فردي يمارسه الفرد في عزلته وبيته وزاويته، إذ كانت أدعيته الزّاخرة تنطلق للأسماع بصورتها المباشرة من نفس المتكلّم، فتأخذ أثرها شديد الوقع الّذي يحصل من الـمُلقي لا من الملقَى عنه، فليس نَفَس الشّاعر وصوته ووتره ووقعه المباشر كنَفَس من يلقي عنه كلماته وأحاسيسه وينقلها للآخرين.

    بل حتّى في حالات النّقل الّتي كانت تنال كلماته في صورتها الرّوائيّة والإعلاميّة بين النّاس، كانت تلك العبائر الصّافية تؤتي ثمارها بقوّتها وبنفس الوتيرة تقريباً؛ لأنّ الإمام عليه السّلام كان يمزجها برونق شديد الجاذبيّة وبحرارة مشتدّة، خصوصاً وأنَّ تلك العبائر تمتاز بريادتها البيانيّة البَديعة وبفصاحتها الّتي تتلاءم مع كلِّ ذوقٍ وكلِّ مستوى، فيجد فيها العالِم ما يبهره كما يجد فيها حاسر المعرفة ما يبهره.

    وما بالك فيما إذا عرفت بأنَّ تلك الكلمات الإلهيّة كانت تبرز صافيةً طاهرة ممتزجة بحرارة الدّموع والإخلاص والعروج الرّوحي الحقيقي في ذات الله تعالى؟

    كيف لا وأنت تجد أنَّ مثل هذه الكلمات العظيمة لا يمكن لها أن تخرج من أي شخص، وإنّما تحتاج لذائقة العظماء ومعرفة العلماء السّالكين، وهو العظيم في معرفته، وصفوة الله في خَلْقِه، بما يبعد عنه أدنى احتمالات الطُّعون في فعله والظّنون السّلبيّة تجاه عبادته بمثل ما يَفعل المتمرّد على ما يُقبّحه العقل من أحكام وتُهَم للآخرين بحمله لأفعالهم العباديّة على الرّياء وما شاكل بلا حجّة وبلا دليل.

    فهذه الأدعية المليئة –تحليلاً- بالمديح والهجاء والغزل وجميع جهات الشِّعر بماله من مضامين رفيعة، كانت تقدّم حرباً ضارية أُسقط على أساسها عرش يزيد وسُلطان أتباع يزيد، وليس قتل الإمام واستشهاده إلا دليل على هذه الحرب الضّارية.

    بل وإنَّ مقولة عبد الملك بن مروان للحجّاج بن يوسف الثّقفي رغم امتداد سُلطانه ومُلكه وقوّته أن يجنّبه دماء بني أبي طالب دليلٌ ناصع على القلق الّذي كان يساوره من هذه الذّرّيّة الصّالحة وعلى رأسهم الإمام علي بن الحسين عليهما السّلام، ففي الخبر:

    “كان عبد الملك قد كتب إلى الحَجّاج، وهو على الحجاز: جنِّبْني دماء آل بني أبي طالب، فإنّي رأيت آل حربٍ –يعني أبا سفيان وولده معاوية وحفيده يزيد وأضرابهم- لـمّا تهجّموا بها لم يُنصروا”[14]، فكَتَبَ له الإمام عليه السّلام ما سنوافيك به.

    ونفسه قول والي الوليد بن عبد الملك بن مروان على المدينة في زمن حُكمه، هشام بن إسماعيل –الّذي تحامل على آل رسول الله هو الآخر- صراحةً بخوفه من الإمام علي بن الحسين عليه السّلام وقلقه الشّديد تجاهه، حيث ورد فيه:

    “ووَلَّى الوليدُ عمر بن عبد العزيز المدينة، وأمر أن يقف هشام بن إسماعيل للنّاس، وكان هشام بن إسماعيل المخزومي قد أساء السّيرة، وجار في الأحكام، وتحامل على آل رسول الله، فلمّا قَدِم عمر قال هشام:

    ما أخاف إلا علي بن الحسين! فمرَّ به، وهو موقوف، فسلّم عليه، فناداه هشام: الله أعلم حيث يجعل رسالاته، ولم يعرض له سعيد بن المسيّب ولا لأحد من أسبابه وحاميته”[15]؛ فهشام هذا إمّا علَّل سبب تحامله وظلمه لآل محمّد صلَّى الله عليه وآله وسلّم بخوفه من الإمام عليه السّلام، أو أنَّ خوفه منه وقلقه تجاهه بالخصوص كانت له خصوصيّة مستقلّة.

    ومِثله مناسبة قصيدة أبي فراس الفرزدق، الّتي عرَّضته للتّعذيب، يوم أن أنكر هِشام معرفته للإمام -حينما كانت صفوف الحجيج تنفرج له في كل شوط يستلم فيه الحَجَر، بينما عجز هو عن مجرَّد الطّواف فضلاً عن بلوغ الحَجَر- خوفاً من أن ينصرف النّاس إليه عليه الصّلاة والسّلام.

    وكذا الحال بالنّسبة لمسلم بن عُقبة الّذي أوقع في عهد يزيد بن معاوية بأهل المدينة وقعة الحَرَّة بأمرٍ منه حسب ما أسلفنا، حيث لاحظنا كيف أنّه كان بفعل خشيته من الإمام عليه السّلام حسَّن خطابه معه يوم أن عَرَضَ النّاس للبيعة على أنَّ كل مبايِع منهم هو عبد قنّ ليزيد بن معاوية، فلم يوجّه إليه هذه العبائر المذلّة، بل قال له بايع “على أنّك أخ وابن عم”.

    فالخبر –لو صح- فهو يدل على ذلك حقيقةً، وإلا فإنَّ مثل مسلم بن عُقبة ذلك الرّجل المتعجرف الصَّلِف لو كان يأمن على نفسه من المتاعب من مثل علي بن الحسين عليهما السّلام؛ لما طأطأ رأسه له وخاطبه بخوفٍ وخضوع.

    وبالتّالي؛ بملاحظة هذه المواقف وغيرها نجد كيف كان للإمام عليه السّلام وجوداً مهيباً في قلوب حكّام هذه المرحلة، ممّا يعني أنَّ الدّعاء –الخيار الأبرز ظهوراً في سِيرته- كان في شكله الظّاهري والباطني يحمل دلالات عظيمة، وقوّة خارقة تزرع في نفوس الظّالمين الرّعب والرّهبة.

    فنحن بتحليل تلك الأدعية بصورة دقيقة تتلاءم مع الأحداث؛ نجد جميع هذه الحقائق الخالدة دون أدنَى ريب، فمثلاً عندما نطالع دعاء مكارم الأخلاق نرَى كيف كان الإمام عليه السّلام يقود النّفوس ويوجّهها في هجائه للظّالمين بمقاطع مَهِيْبة بقوله:

    اللهمّ (اجعلْ لي يداً على من ظَلمني، ولساناً على من خاصَمني، وظفراً بمن عانَدني، وهَبْ لي مَكراً على من كايَدَني، وقدرةً على من اضطهَدني، وتَكذيباً لمن قَصَبَني[16]، وسلامةً ممّن تَوَعَّدَني)[17]، فكانت هذه الرّنّات المختلطة بالمناجاة والبكاء الخالص تصل لأسماع بني أمّيّة وأعدائه ومن استداموا اللعن لعلي بن أبي طالب على منبره ومنابرهم في كلِّ يومٍ وحين.

    وفي مقطعٍ آخر يدوِّي الأرواح ويقصم الجبّارين على عروشهم يقول:

    (اللهمَّ وقد شَمِلَنا زَيْغُ الفِتَن، واسْتَولَتْ علينا غَشْوةُ الحيْرة، وقارَعَنا الذُّلُ والصَّغَار[18]، وحَكَمَ في عِبادِكِ غير المأمونِينَ على دِينِك، فابْتَزَّ[19] أُمورَ آلِ محمِّدٍ مَن نَقَضَ حُكْمَك، وسَعَى في تَلَفِ عِبادِكَ المؤمنِين، فجَعَل فَيْئَنا مَغْنَماً، وأَمانَتَنا وعَهْدَنا مِيراثاً، واشْتُرِيَتِ الملاهي والـمَعازِفَ والكفَّاراتِ بسهمِ الأرملةِ واليتيمِ والمسكين، فرَتَعَ[20] في مالِكَ مَن لا يَرعَى لكَ حُرْمَة، وحَكَمَ في أَبْشارِ[21] المسلمِينَ أهل الذِّمّة، فلا ذائِدَ يَذودُهُم[22] عن هَلَكَة، ولا راحِمَ يَنظرُ إليهم بعينِ الحُرُمَة، ولا ذو شفاعةٍ يَشفعُ لذاتِ الكبدِ الـحَرَّى من الـمَسْغَبة، فهُم أهلُ ضَرَعٍ[23] وضَياع، وأُسراءُ مَسْكَنة، وحُلَفَاءُ كآبةٍ وذلّة.

    اللهمَّ وقد اسْتَحْصَدَ زرعُ الباطل، وبَلَغَ نِهْيَته[24]، واسْتَحْكَمَ عمودُه، وخُرِفَ[25] وَليدُه، ووسقَ[26] طريدُه، وضَربَ بجرانِه[27].

    اللهم فأتحْ له مِنَ الحقِّ يداً حاصِدة، تَصْرَعُ[28] بها قائمَه وسوقَه، وتَـجْتَثُّ سنامَه، وتَـجْدعُ مراغمَه، ليُنْظَرَ إليهِ بقَبيحِ حِلْيَتِه، ويَظْهَرَ الحقُّ بـحُسْنِ صُورَتِه.

    اللهم ولا تدع للجور دعامة إلا قصمتَها[29]، ولا جنّة إلا هتكتَها، ولا كلمةً مجتمعة إلا فرّقتَها، ولا قائمة إلا خفضتها، ولا راية إلا نكّسّتَها وحططتَها، ولا عُلوَّاً إلا أسفلتَه، ولا خضراء إلا أَبَدْتَها.

    اللهم وكَوّرْ شمسَه، وأطفِئ نورَه، وأُمْ[30] بالحقِّ رأسَه، وفض جيوشَه، وأرعبْ قلوبَ أهلِه، وأَرِنا أنصارَ الجَورِ عَبادِيدَ[31] بَعْدَ الألفة، وشَتَّى[32] بَعْدَ اجتماعِ الكلمة، ومَقْموعِي[33] الرّؤوس بَعْدَ الظّهورِ على الأُمَّة.

    اللهمَّ وأَسْفِرْ[34] لنا عن نهارِ الحقِّ والعَدل، وأرناه سرمداً، وأهْطِلْ علينا بَرَكَتَه، وأدله ممّن ناواه وعاداه، وأوضِحْ به في غَسَقِ الليلِ الـمُظْلِمِ وبَهِيمِ الحيرةِ الـمُدْلَهِم[35].

    اللهمَّ وأحْيِ به الأرضَ الميّتة، واجمعْ به الأهواءَ المتفرِّقة، وأقِمْ به الحدودَ الـمُعَطَّلة، وأَسْرِبْ[36] به الأحكامَ الـمُهْمَلة، اللهمَّ وأَشْبِعْ بهِ الخماصَ السَّغِبة[37]، وارْحَمْ به الأبدانَ اللغِبة[38])[39].

    بينما نجده يحذو بغزله الإلهي في النّفوس بقول –مثلاً- مخاطباً مَلِيكه:

    إلهي (مَن ذا الّذي ذاقَ حَلاوةَ مَـحَبَّتِكَ فَرَامَ[40] مِنْكَ بَدَلا، ومَن ذا الّذي أَنِسَ بِقُرْبِكَ فابْتَغَى عنكَ حِوَلا[41])[42].

    ويقول:

    (ما أَلَذَّ خَواطِرَ الإلْهَـامِ بذِكْرِكَ على القُلُوب! ومَا أَحْلَى الـمَسِيرَ إِليكَ بالأَوْهامِ في مَسَالِكِ الغُيُوب! ومَا أَطْيَبَ طَعْمَ حُبِّكَ! ومَا أَعْذَبَ شرْبَ قُرْبِك!)[43].

    وهكذا كان في معاني المديح والثّناء يقول في جهة أخرى من أدعيته:

    (أنتَ الـمُسَبَّحُ في كُلِّ مكانٍ، والـمَعْبُودُ في كُلِّ زَمانٍ، والـمَوجُودُ في كُلِّ أَوَانٍ[44]، والـمَدْعُوُّ بكُلِّ لِسانٍ، والـمُعَظَّمُ في كُلِّ جَنَان[45])[46].

    ويقول:

    (يا مَلاذَ اللائِذِين، ويا مَعاذَ[47] العَائِذِين، ويا مُنْجِيَ الهالِكِين، ويا عَاصِمَ البَائِسِين، ويا راحِمَ الـمَسَاكِين، ويا مُجِيْبَ الـمُضْطَرِّين، ويا كَنْزَ الـمُفْتَقِرِين، ويا جابِرَ الـمُنْكَسِرِين، ويا مَأْوَى الـمُنْقَطِعِين، ويا ناصِرَ الـمُسْتَضْعَفِين، ويا مُجِيْرَ الخائِفِين، ويا مُغِيْثَ الـمَكْرُوبِين، ويا حصْنَ اللاجِئِين. إِنْ لَـمْ أَعُذ[48] بعِزَّتِكَ فبمَن أَعوذ؟! وإِنْ لَـمْ أَلُذ بِقُدْرَتِكَ فبمَن أَلُوذ؟!)[49].

      

    ويقول:

    (يا مُنْتَهَى أَمَلِ الآمِلِين، ويا غايَةَ سُؤلِ السّائِلِين ، ويا أَقْصَى طَلِبَةِ الطّالِبِين، ويا أَعْلَى رَغْبَةِ الرَّاغِبِين، ويا وَلِـيَّ الصَّالحِين، ويا أَمانَ الخائِفِين، ويا مُـجِيْبَ دَعْوَةِ الـمُضْطَرِّين، ويا ذُخْرَ الـمُعْدَمِين[50]، ويا كَنْزَ البائِسِين، ويا غِياثَ الـمُسْتَغِيثِين، ويا قاضِيَ حَوائِجِ الفُقَراءِ والـمَساكِين، ويا أَكْرَمَ الأَكْرَمِين، ويا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين)[51].

    وهكذا كان سموّه في مناجاته مع ربّه حيث يناجيه قائلاً:

    (إلهي فاجْعَلْنا مِنَ الّذينَ تَرَسَّخَتْ أَشْجارُ الشَّوقِ إِلَيكَ في حَدائِقِ صُدُورِهِم، وأَخَذَتْ لَوعَةُ مَـحَبَّتِكَ بـمَجامِعِ قُلُوبِـهِم، فَهُم إلى أَوْكارِ الأَفْكارِ يَأْوُون، وفي رِياضِ القُرْبِ والـمُكاشَفَةِ يَرْتَعُون[52]، ومِن حِياضِ الـمَحَبَّةِ بكَأْسِ الـمُلاطَفَةِ يَكْرَعُون، وشَرائِعِ الـمُصَافَاةِ يَرِدُون.

    قَدْ كُشِفَ الغِطاءُ عن أَبصارِهِم، وانْـجَلَتْ ظُلْمَةُ الرَّيْبِ عن عَقائِدِهم وضَمائِرِهِم، وانْتَفَتْ مُـخالَـجَةُ[53] الشَّكِّ عن قُلُوبِهِم وسَرائِرِهِم، وانْشَرَحَتْ بتَحْقِيقِ الـمَعْرِفَةِ صُدُورُهُم، وعَلَتْ لِسَبْقِ السّعادَةِ في الزَّهَادَةِ هِمَمُهُم، وعَذُبَ في مَعِينِ[54] الـمُعامَلَةِ شرْبُهُم، وطابَ في مَجْلِسِ الأُنْسِ سِرُّهُم، وأَمِنَ في مَوْطِنِ الـمَخافَةِ سِرْبُهُم[55]، واطْمَأَنَّتْ بالرّجُوعِ إلى ربِّ الأَرْبابِ أَنْفُسَهُم، وتَيَقَّنَتْ بالفَوْزِ والفَلاحِ أَرْواحُهُم، وقَرَّتْ بالنَّظَرِ إلى مَـحْبُوبِهِم أَعْيُنُهُم، واسْتَقَرَّ بإِدْراكِ السُّؤْلِ ونَيْلِ الـمَأْمُولِ قَرارُهُم، ورَبِـحَتْ في بَيْعِ الدُّنْيا بالآخِرة تِـجارَتُهُم)[56].

    بينما في اعترافه بالضّعف والعجز والقصور يقول بحرقةِ القلب وألم الوجدان:

    (جَلَّلَتْنِي نِعَمُكَ مِن أَنْوارِ الإِيْـمانِ حُلَلا، وضَرَبَتْ عَلَيَّ لَطَائِفُ بِرِّكَ مِنَ العِزِّ كِلَلا[57]، وقَلَّدَتْنِي مِنَنُكَ قَلائِدَ لا تُحَل، وطَوَّقَتْنِي أَطْواقاً لا تُفَل، فآلاؤكَ جَمَّةٌ[58] ضَعُفَ لِسانِي عَن إِحْصائِها، ونَعْمَاؤكَ كَثِيرةٌ قَصُرَ فَهْمِي عَن إِدْراكِها فَضْلاً عَن اسْتِقْصائِها[59].

    فكَيْفَ لي بتَحْصِيلِ الشُّكْر وشُكْرِي إِيَّاكَ يَفْتَقِرُ إلى شُكْر؟! فكُلَّما قُلْتُ لكَ الحَمْد، وَجَبَ علَيَّ لذلكَ أَنْ أَقُول لكَ الحَمْد!!)[60]؛ أي عند حَمْدِ الله تعالى على نِعْمة واحدة من نِعَمِه فنَفْس كلمة “الحمد لله” تحتاج لأن يَحمد الحامدُ ربَّه عليها؛ لأنّه وَفَّقه للحمد وأعطاه الجارحة لإدراك ذلك والتّلفّظ به، فيكون لم يَحْمَد بشيء، بل احتاج بحمده إلى حَمْدٍ جديدٍ على كلِّ ذلك! فهو عاجز عن حَمْدِ نعمةٍ واحدة من نِعَمِ الله سبحانه عليه! فما أسماه وأبلغه من تعبير، وما أعظمها من حقيقة!

    وما أشجَى كلماته وهو يستقل من ذنوبه وخطاياه ولا خطايا له ولا ذنوب وهو العبد العامل الكامل، حيث يقول:

    (سَيِّدِي، أَ لِضَرْبِ الـمَقامِعِ خَلَقْتَ أَعْضائِي؟ أَمْ لِشرْبِ الحَمِيمِ خَلَقْتَ أَمْعائِي؟

    سَيِّدِي، لَو أَنَّ عَبْداً استَطاعَ الهَرَبَ مِن مَولاه، لَكنْتُ أَوَّلَ الهارِبِينَ مِنك، لكنِّي أَعْلَمُ أَنِّي لا أَفْوتك.

    سَيِّدِي، لَو أَنَّ عذابي يزيدُ في مُلْكِكَ لَسَأَلْتكَ الصَّبرَ عليه، غيرَ أَنِّي أَعْلَمُ أنَّهُ لا يزيدُ في مُلْكِكَ طاعةُ الـمُطِيعِين، ولا ينقصُ مِنهُ معصيةُ العاصِين.

    سَيِّدي، ما أَنا، وما خَطَرِي؟ هَبْ لي خَطايايَ بفَضْلِك، وجَلِّلْنِي بستْرِك، واعْفُ عَن تَوبِيخِي بكَرَمِ وَجْهِك)[61].

    ويقول باكياً متوجِّعاً:

    (يا إلهي لَو بَكَيْتُ إِليكَ حتَّى تَسْقُطَ أَشْفارُ عَيْنِي، وانْتَحَبْتُ حتَّى يَنْقَطِعَ صَوْتِي، وقُمْتُ لكَ حتَّى تَنْتَشِرَ[62] قَدَماي، ورَكَعْتُ لكَ حتَّى يَنْخَلِعَ صُلْبِي، وسَجَدْتُ لكَ حتَّى تَتَفَقَّأَ حَدَقَتاي، وأَكَلْتُ تُرابَ الأَرضِ طُولَ عُمُرِي، وشَرِبْتُ ماءَ الرَّمادِ آخِرَ دَهْرِي، وذَكَرْتُكَ في خِلالِ ذلكَ حتَّى يَكِلَّ لِسانِي، ثُمَّ لَـمْ أَرْفَعْ طَرَفِي إِلى آفاقِ السَّماءِ اسْتِحْياءً مِنكَ ما اسْتَوجَبْتُ بذلكَ مَـحْوَ سَيِّئَةٍ واحِدَةٍ مِنْ سَيِّآتي)[63].

    وأَعجب العَجب منه وفيه حينما يَذْكر الموت والقبر والبرزخ والآخرة، فتختلط أحزانه بأنفاسه، وخياله بمشاعره وإحساسه، حيث يقول:

    (وارْحَمْنِي صَرِيْعاً علَى الفِراش تُقَلِّبُنِي أَيْدِي أَحِبَّتِي، وتَفَضَّلْ عَلَيَّ ممدوداً علَى الـمُغْتَسَل يُغَسِّلُنِي صالحُ جِيْرَتِـي، وتَحَنَّنْ علَيَّ مَحْمُولاً قد تَناوَلَ الأَقْرباءُ أَطْرافَ جَنازَتِي، وَجُدْ علَيَّ مَنْقُولاً قَد نَزَلْتُ بكَ وَحيداً في حُفْرَتِـي، وارْحَمْ في ذلكَ البيتِ الجديدِ غُرْبَتِي)[64].

    ولـمّا رآه أحد أصحابه يبكي بحرقة وشدّة، قال له ليسكِّن من روعه: يا ابن رسول الله! أتبكي وجدّك خاتم النّبيّين وشفيع الأمّة، وأمّك الزّهراء و…، فراح يعدّد مناقبه وشرف نسبه ومَن ينتمي إليه، فما كان ذلك إلا سبباً في ازدياد حزنه عليه السّلام واشتداد بكائه أشدّ ممّا هو عليه، لما يرى في أنَّ كل ذلك يجب أن يدعوه لأن يكون الأرقَى والأكمل، وأنَّ خطأه لو صَغُرَ كان كبيراً لا ينبغي أن يصدر منه وهو على هذا النَّسب والشَّرف والمقام، فأجابه وكان جوابه من أعلَى وأرقَى كلمات أدعيته في دعاء تلميذه أبي حمزة الثّمالي الّذي يلازمه السّالكون في أسحار رمضان وغيرها، وكل كلمات أدعيته عالية وراقية:

    (وما لي لا أَبْكِي؟! ولا أَدْرِي إلى ما يَكونُ مَصِيْرِي، وأَرَى نَفْسِي تُـخادِعُنِي، وأَيّامِي تُـخاتِلُنِي[65]، وقد خَفَقَتْ عِندَ رَأْسِي أَجْنِحةُ الموت، فما لي لا أَبْكِي! أَبْكِي لخُرُوجِ نَفْسِي، أَبْكِي لِـحُلُولِ رمْسِي[66]، أَبْكِي لظُلْمَةِ قَبْرِي، أَبْكِي لضِيقِ لَـحْدِي، أَبْكِي لسُؤالِ مُنْكَرِ ونَكِيرٍ إِيّاي[67]، أَبْكِي لـخُرُوجِي مِن قَبْرِي عرْياناً ذَلِيلاً، حاملاً ثِقْلِي على ظَهْرِي، أَنْظرُ مرَّةً عن يمينِي، ومرَّةً عن شمالي، إذِ الخَلائِقُ في شَأنٍ غيرَ شَأنِي “لكُلِّ امْرُئٍ مِنهُمْ يَومَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيه، وُجُوهٌ يَومَئِذٍ مُسْفِرَة، ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَة، ووُجُوهٌ يَومَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَة، تَرْهَقُها قَتَرَةٌ وذِلَّة”)[68].

    وبعدُ؛ كيف لنا أن نجعل من الدّعاء سمة للعزلة، ونطلق على صاحبه حكماً من هذا القَبيل، ومنه نصوّره بصورة المتناقض في فعاله وتصرّفاته.

    بل وإنّ من أهم الحقائق الّتي ينبغي وعيها هو ملاحظة قدرة الإمام عليه السّلام الفائقة على ضبط نفسه ومشاعره، حيث لم يأخذ سيفه للنّقمة ممّا ناله ووقع به وبأهل بيته نساءً وأطفالاً وصَحْبِ أبيه من أفاعيل، وهو من بني هاشم الّذين عرفوا بالشّجاعة وشدّة الغيرة على أعراضهم وكرامتهم.

    فهو رغم الالتفاف الكبير الّذي كان يدور من حوله من أنصار من بني هاشم أو غيرهم، خصوصاً وأنّه ابن سبط رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم صاحب المنزلة الرّفيعة في نفوس القوم، فهو رغم ذلك الالتفاف من حوله حتّى من غير العرب لما له من منزلة بين الفُرس، لم يكن يتحرّك على أساس التّهوّر والانتقام الشّخصي، وإنّما كان يتحرّك على أساس مصالح الأمّة الّتي إما أن تفرض عليه هذا السّلوك أو ذاك في ظلِّ الغاية الواحدة، فمثلاً غاية الجائع من الطّعام رفع حالة الجوع لديه، ولكّنه تارة يجد صنفاً معيّناً من الطّعام فيرفع به جوعه، وتارة يجد صنفاً آخر، وتارة تميل نفسه لطعام في حين دون طعام آخر، ولذلك الآخر في وقت آخر، وكل من هذه الأطعمة متغايرة، والحالة توصف بالطّبيعيّة تجاه رفع ذلك الإحساس.

    وإلا لو كان الشّخص غير شخصه عليه السّلام ووجد كل هذه الحشود من حوله بنفس تلك الصّورة الّتي حصلت في الآن الّذي أطلق فيه الفرزدق قصيدته عند البيت الحرام فيه، لفعل الأفاعيل ولجاء بالأهاويل مهما بلغ من مراتب، إذ أنَّ الآلام والمحن الّتي وقعت على الإمام عليه السّلام لا يحتملها قلب ولا يصبر عليها صبور.

    فهذا الضّبط النّفسي من الإمام عليه السلام لمشاعره وتصرّفاته بذاته يقدّم للنّاس علامة وأمارة واضحة على لياقة هذا الرّجل وريادته وسموّه وإمامته، وعلى أنّه هو الأجدر بالقيادة والزّعامة وإدارة الأمّة والسّماع منه للوصول لله، وهذا عين ما يريده كل إمام منصّب من الله تعالى، إذ لا غاية له سوى إيصال النّاس لله سبحانه وتقويم عقولهم وقلوبهم وحياتهم وكافّة سلوكيّاتهم، فهذا هو هدفهم المشترك والغاية الجامعة.

    فهذه الأمارة الّتي كان يلحظها النّاس في كل يوم وفي كل حين يواجه فيه الإمام النّاس أو يعتزل في حوائجه الشّخصيّة في بيته أو تسوّقه، بكل ما لذلك من إثارات كان يفجّر فيها الموقف ويحافظ على بقاء حركيّته وحرارته، للدّرجة الّتي كان يستلهم فيها من الأحداث الصّغيرة مضامين كبيرة يقدّمها بعِظمها لمن حوله، وإن كانت تلك ترتبط بكبشٍ يريد بائع اللحم أن يذبحه للأكل، فيسأله:

    هل سقيتَ الكبش ماءً؟ وهل تعرضون دوابّكم قبل الذّبح على الماء؟

    فيجيبه: بلا، يا ابن رسول الله.

    فيرد عليه سلام الله عليه: إن أبي الحسين –سيّد شباب أهل الجنّة- قُتِلَ عطشاناً وذبح من وريده إلى وريده وهو يطلب الماء!

    بحيث كان الجمهور يندفع مباشرة لحرقته، وإدراك بشاعة الظّلم والطّغيان وشدّة القسوة الّتي صار فيها الحيوان أكرم على الإنسان من ابن نوعه وابن خاتم الرّسل والأنبياء!

    فهذه الأمارة الّتي كان يلحظها النّاس في جميع اللحظات، وكان يلحظها يزيد وأتباعه بكل وضوح، هي الّتي كانت تدفع السّموم نحوه عليه السّلام، وترتقب الغِيلة فيه لتفتك بروحه ووجوده وتصل به إلى مقام الشّهادة الّتي بلغها وهو في أوجِّ سموّه وتناسق أفعاله وطهارة جنبه، بالمستوى الّذي دفع بأهل زمانه من الجمهور والعلماء والسّلاطين لأن يقولوا فيه تلك المقالات العظيمة الّتي سبق أن استعرضنا بعضاً منها في أوائل الحديث، فألئك قالوا ما قالوه عن قرب وحس واقع لا يفارقهم، ومقولة القريب ليست كمقولة البعيد الّذي لا يبصر تاريخ الماضي عليه إلا بما يُنْقَل إليه.

     

    5- وظائف أخرى مارسها الإمام عليه السّلام في هذه المرحلة:-

    ثمَّ إن الإمام علي بن الحسين عليه السّلام ما كان سلوكه في هذه الفترة مستقلّاً على الدّعاء وما ذكرنا، وإنّما تجاوز ذلك وتعدّد إلى وظائف أخرى مهمّة، من قبيل توجيه السّلطة وحماية الدّولة الإسلاميّة، تماماً كما فَعَلَ مع عبد الملك بن مروان حين أَرسل إلى الحَجّاج بن يوسف الثّقفي –وكان إذ ذاك على الحجاز- في أن يبعث له عليه السّلام مقال ملك الرّوم –الّذي سبق أن أشرنا إليه- وتهديده طلباً للحل والخلاص من هذه المعضلة الّتي لم يستطع الرّأس الأوّل في السّلطة أن يجابهها، فعجز عجزاً كاملاً عن حلّها، فكتب إليه الإمام عليه السّلام بالحل الّذي كفَى الأمّة شرّ تلك المعضلة العظيمة.

    جاء في كتب التّأريخ:

    “كتب ملك الرّوم إلى عبد الملك: لأغزونّك بجنود مائة ألف ومائة ألف ومائة ألف، فكتب عبد الملك إلى الحجّاج أن يبعث إلى زين العابدين ويتوعّده ويكتب إليه ما يقول؛ ففعل، فقال علي بن الحسين:

    إنَّ لله لوحاً محفوظاً يلحظه كل يومٍ ثلاثمائة لحظة ليس منها لحظة إلا يحيي فيها ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء، وإنّي لأرجو أن يكفيك منها لحظة واحدة.

    فكتب بها الحجّاج إلى عبد الملك، فكتب عبد الملك بذلك إلى ملك الرّوم، فلمّا قرأه قال: ما خرج هذا إلا من كلام النّبوّة”[69].

    وفي نقل اليعقوبي شبهه حيث قال: “كتبَ ملك الرّوم إلى عبد الملك يتوعده، فضاق عليه الجواب، وكتب إلى الحَجَّاج…: أن ابعث إلى علي بن الحسين فتوعّده وتهدّده وأغلظ له، ثمّ انظر ماذا يجيبك، فاكتب به إلي! … وكتبَ –أي الحجّاج- بذلك إلى عبد الملك، فكتب به إلى صاحب الرّوم كتاباً، فلمّا قرأه قال: ليس هذا من كلامه، هذا من كلام عترة نبوّته”[70].

    ومثله توجيهه عليه السّلام ليزيد بن معاوية في الخبر المعروف، لـمّا أَبْرَقَ إليه يزيد يسأله: كيف الطّريق إلى التّوبة؟ فأجابه يوجّهه إلى سبيل الله تعالى، إلا أنَّ يزيد بن معاوية استدام الأمر في انحرافاته ومفاسده.

    وكذا الحال في تشجيعه –مثلاً- لعبد الملك بن مروان بن الحَكَم على التزام الحق والعدل، والعمل بشريعة الله تعالى لـَمّا كتب عبد الملك في عهده لواليه الحَجّاج بن يوسف الثّقفي وهو على المدينة أن يجنّبه دماء آل أبي طالب، حيث أَبْرَقَ إليه الإمام في ذلك، فكَتَبَ له عليه الصّلاة والسّلام:

    “إنّي رأيت رسول الله ليلة كذا في شهر كذا يقول لي: إنّ عبد الملك قد كتب إلى الحَجّاج في هذه الليلة بكذا وكذا، وأَعْلِمْه أنّ الله قد شكر له ذلك، وزاده بُرهة في مُلكه”[71].

    هذا وهنالك من الوظائف الإلهيّة الّتي لا يقوم بها إلا المعصوم، والإمام علي بن الحسين صلوات الله وسلامه عليهما كان رحى تلك المهام؛ ومن ذلك قضيّة حجر الجنّة الأسود الّذي في ركن الكعبة المعظَّمة، حيث أنّ لهذا الحجر خاصّيّة تتعلَّق بالمعصوم وحده، وهي أنّه إذا أزيح من مكانه لا يعيده إليه إلا هو، وهذا الأمر كان من أبد الكعبة إلى يومنا هذا، وقد تجسَّد عدّة مرّات، أقلّها نسنطيع أن نعد منها أربع حالات، وهي:

    الأولى تتمثَّل في اليوم الأوّل لوضعه في الكعبة من بادئ أمره.

    والثّانية تتمثَّل في اليوم الّذي وضعه النّبي الأعظم محمد صلّى الله عليه وآله وسلَّم في ركن الكعبة بعد أن هدمها أصحاب الفيل في تلك الحادثة الأليمة، فتنازعت قريش في وضعه بمكانه بعد تشييد الكعبة المشرّفة مجدَّداً، فوضعه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلَّم بيده الشّريفة المباركة.

    والثّالثة تتمثّل بما نحنه في صدده من البحث في المقام، وذلك يوم هدم الحجّاج لعنه الله الكعبة وضربها بالمنجنيق وقُتِل عبد الله بن الزّبير وأتباعه، فلم يقبل الحجر بالثّبات في موضعه يوم أن وضعه النّاس فيه، إلا عندما تصدَّى الإمام السّجاد صلوات الله وسلامه عليه بنفسه الشّريفة لوضعه، حينها ثبت في ركنه، والنّاس يملؤهم العجب وتتعالاهم دواخلُ التّكبيرِ الممتزجة بزلازل الهتاف المَهيب.

    والرّابعة يوم أن أرجع القرامطة الحجر الشّريف سنة 339هـ بعد أن استولوا عليه لاثنين وعشرين سنة كما ذكر المؤرِّخون[72]، ثمَّ بعد أن تمَّ إرجاعه حاول المسلمون كِراراً في تثبيته بمكانه، فأبى الثّبات، وبقي عصيَّاً عليه إلا بيد صاحب العصر أرواحنا فداه، وفي مستهل هذا الحدث الأخير نذكر الواقعة التّاريخيّة التّالية عن الجهبذ النّحرير رئيس المحدِّثين صاحب كتاب كامل الزّيارات أبو القاسم جعفر بن محمّد بن جعفر بن موسى بن قُوْلُوَيه –بضم القاف وإسكان الواو الأولى وضم اللام- القمِّي حيث ورد في كتاب الخرائج والخراج:

    “روي عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قُوْلُوَيه قال:

    لمّا وصلتُ بغداد في سنة سبع وثلاثين [وثلاثمائة] للحج، وهي السّنة الّتي ردَّ القرامطةُ فيها الحجرَ إلى مكانه من البيت، كان أكبر همّي الظَّفَر بمن يَنصب الحجر؛ لأنّه مضى في أثناء الكتب قصّة أخْذِه، و[أنّه] إنّما ينصبه في مكانه الحجّة في الزّمان، كما في زمان الحَجَّاج وضَعه زين العابدين عليه السّلام في مكانه فاستقر. فاعتللتُ علّة صعبة خفْتُ منها على نفسي، ولم يتهيّأ لي ما قصدت له، فاستنبت المعروف بابن هشام، وأعطيته رقعة مختومة، أسأل فيها عن مدّة عمري وهل يكون الموت في هذه العلّة أم لا؟ وقلت:

    همّي إيصال هذه الرّقعة إلى واضع الحجر في مكانه، وأخْذُ جوابه، وإنّما أندبك لهذا. قال: فقال المعروف بابن هشام:

    لمّا حصلت بمكة وعُزِم على إعادة الحجر، بذلْتُ لسَدَنة البيت جملة تمكَّنتُ معها من الكون بحيث أرى واضع الحجر في مكانه، فأقمت معي منهم من يَمنع عنّي ازدحام النّاس، فكلّما عَمد إنسان لوضعه اضطرب ولم يستقم، فأقبل غلام أسمر اللّون حسن الوجه، فتناوله ووضعه في مكانه فاستقام كأنه لم يزل عنه، وعلت لذلك الأصوات، فانصرف خارجاً من الباب، فنهضت من مكاني أتبعه وأدفع النّاس عنّي يميناً وشمالاً حتّى ظُنَّ بي الاختلاط في العقل، والنّاس يفرجون لي، وعيني لا تفارقه، حتّى انقطَعَ عن النّاس، فكنت أسرع السّير خلفه، وهو يمشي على تؤدةِ السّير ولا أدركه.

    فلمّا حصل بحيث لا أحد يراه غيري، وقف والتفت إليَّ فقال:

    هاتِ ما معك، فناولته الرّقعة، فقال من غير أن ينظر إليها: قل له لا خوف عليك في هذه العلّة، ويكون ما لابدّ منه بعد ثلاثين سنة، قال: فوقع عليَّ الدَّمع[73] حتّى لم أطق حراكاً، وتركني وانصرف”[74].

    فهذه وظيفة مارسها إمامنا المقدّس سيّد السّاجدين صلوات الأوّلين والآخرين عليه إلى جانب وظائفه العظيمة الأخرى، حيث كانت من نصيب زمانه.

     

    خاتمة:-

    إذن الصّحيح على صعيد منهج دراسة الواقع التّأريخي لأي شخصيّة إنسانيّة هو تقييم سلوكيّاتها وأفعالها على أساس الظّروف والمتغيّرات وما يحيط بذلك من حيثيّات خاصّة وعامّة، لا وفق المقابلة فيما بين تلك السّلوكيّات بغضِّ النّظر عن مجريات الحدث الّذي وقعت فيه وقامت على أساسه، فالحياة البشريّة متحرّكة، والتأريخ البشري متغيّر متجدِّد لا يقف عند نقطة كما لا يقف العقل البشري عن التّفكير، والموجود القادر على الحركة لابدَّ وأنَّ العقل يفترض لكل حركة من حركاته وآنة من آناته فعلاً وزمناً مغايراً عن الآخر، فالتّغاير حقيقة واقعيّة قائمة دائماً بين الفعال والسّلوكيّات، وفرض التّناقض فيها لا يصح الحكم به بتوجيهه لها بمقارنتها المباشرة في حالة استهداف الخروج بقراءة صحيحة للشّخصيّة القائمة على إبرازها في الخارج وأرض الفعل، وإنّما يصح ذلك في ظرف ملاحظة المؤثّرات من حول كل سلوك.

    وبالتّالي إن وُجِدَتْ لذلك السّلوك مبرّرات إيجابيّة؛ رُفِعَ الحكم بالتّناقض مع السّلوك المقابل له، وإن كان التّناقض فعليّاً في مدركات العقل بما يختص بالسّلوكين معاً؛ لأنَّ العقل عندما يلاحظ اختلاف الموضوع لدى كل سلوك ويجد له مبرِّراً إيجابيّاً مباشرة يوجّه حكمه تبعاً لتلك المبرّرات ويصرف النّظر عن السّلوكين المغفول فيهما عن ذلك.

    أمّا إذا لم توجد لذلك السّلوك مبرّرات إيجابيّة، أو وجدت له مبرّرات سلبيّة؛ فحينئذٍ يمكن للعقل أن يحكم على صاحب تلك السّلوكيّات بالمتناقِض، وإن كانت نوعيّة سلوكيّاته غير متناقضة فيما بينها –فعلاً- عند مقابلتها ببعضها البعض؛ إذ مجرّد عدم وجود حالة من التّناسق بين الظّرف والسّلوك المتّخذ تجاهه يتولّد هذا الحكم تجاه الفاعل بفعل ذلك التّذبذب الحاصل في تصرّفاته.

    وعليه؛ فالمناط في الحكم –سلباً أو إيجاباً- ليس التّغاير بين السّلوكيّات بما هيَ هي؛ لطبيعيّة ذلك في الحركة والوجود، وإنّما بها مضافاً لظرفها الحاصل تقييمه على أساس منطق التّوافق والتّناسق تبعاً للمبرّرات.

    وقد ثبت ممّا تقدّم –طبقاً لهذه المنهجيّة- سقوط ما قد يوجّهه البعض من رؤى سلبيّة لسلوكيّات الأئمّة عليهم أفضل الصّلاة وأتمّ التّسليم –وفي المقام الإمام علي بن الحسين عليه السّلام- في قراءته الشّكليّة للسّيرة التّجزيئيّة الواحدة من سِيَرهم المباركة، أو لمجموع سِيَرهم وأدوارهم تجاه مختلف الأحداث.

    والحمد لله ربِّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّدٍ وآله الميامين.

    أمين حبيب السّعيدي

    4 محرّم الحرام 1432هـ-قم المقدَّسة/نيكوئي

     

     

     


    الهوامش: 

    [1] تفسير مجمع البيان، للطّبرسي ره: ج6 ص237.

    [2] تأريخ اليعقوبي، لأحمد بن أبي يعقوب: ج2 ص259.

    [3] القنّ: عبدٌ مُلِك هو وأبواه.

    [4] أو 63هـ على الاختلاف.

    [5] تأريخ اليعقوبي، لأحمد بن أبي يعقوب، تحقيق عبد الأمير مهَنّا: ج2 ص165.

    [6] تأريخ اليعقوبي، لأحمد بن أبي يعقوب: ج2 من ص241 إلى ص245.

    [7] سنسرد لك نصّ الخبر لاحقاً عند “بيان الحقيقة الكاملة لسلوك هذه المرحلة” و”الوظائف الأخرى الّتي مارسها الإمام (ع) في هذه المرحلة”.

    [8] القنّ: عبدٌ مُلِك هو وأبواه.

    [9] تاريخ مدينة دمشق، لابن عساكر: ج41 ص401.

    [10] المصدر السّابق: ص400.

    [11] مجمع البيان، للطّبرسي: في تفسير قوله تعالَى: {أُولَئك الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنهُمْ أَحْسنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَن سيِّئَاتهِمْ في أَصحَبِ الجْنَّةِ وَعْدَ الصّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ(16)..}؛ الأحقاف.

    [12] الرَّعد: 39.

    [13] البحار، للعلامة المجلسي ره: ج2 باب البداء والنّسخ ص139 – البيان في تفسير القرآن، للعيّاشي ره: ص266.

    [14] راجع تأريخ اليعقوبي، لأحمد بن أبي يعقوب: ج2 ص204.

    [15] المصدر السّابق: ص283.

    [16] قَصَبَني: أي عابَني.

    [17] المصدر السّابق: ص111.

    [18] الصَّغار: الذُّل والضّيم.

    [19] ابتَزَّ: سلبَ قهراً.

    [20] رَتعَ: تنعَّمَ.

    [21] أَبْشَار: جمع بَشَرَة، أي جلود.

    [22] يذودُهم: يطردُهم.

    [23] الضَّرَع: الخضوع والذّل.

    [24] نهيته: غايته.

    [25] خَرَفَ الثّمر: اجتناه.

    [26] وسق الشّيء: حمله وجمعه

    [27] ضرب بجرانه: ثبت واستقر.

    [28] تَصرع: تقطع.

    [29] قصمتَها: كسرتها.

    [30] أمْ: شِجْ.

    [31] عباديد: فِرَق.

    [32] شتَّى : متفرّقِين.

    [33] مَقموعِي: مقهوري.

    [34] أَسْفِرْ: اكشفْ.

    [35] المُدْلَهِم: الشّديد السّواد.

    [36] أَسْرِبْ: أَجْرِ.

    [37] السّغِبَة: الجائعة.

    [38] اللغبة: المتعبة.

    [39] المصدر السّابق: من ص139 إلى 141.

    [40] رامَ: طَلَبَ وابتغَى.

    [41] حِولاً: انتقالاً.

    [42] الصّحيفة السّجّاديّة، أدعية الإمام زين العابدين (ع): ص413.

    [43] المصدر السّابق: ص418.

    [44] أَوان: وقت وحين.

    [45] جَنان: قَلْب.

    [46] المصدر السّابق: ص419.

    [47] مَعاذ: مَلجأ.

    [48] أَعُذ: أَعْتَصم وأَلُذ وأَستجير.

    [49] المصدر السّابق: ص420.

    [50] أي الفقراء في كلِّ شيء.

    [51] المصدر السّابق: ص416.

    [52] يرتعون : يتنعمون.

    [53] الاختلاج : الاضطراب والحركة

    [54] المعين : الظاهر الجاري من الماء النّقي

    [55] سربهم : نفوسهم وقلوبهم

    [56] المصدر السّابق: ص417 و418.

    [57] كللا : أستارا

    [58] جمة : كثيرة

    [59] استقصائها: عدِّها وإحصائِها وبلوغِ حِسابها.

    [60] المصدر السّابق: ص409 و410.

    [61] المصدر السّابق: ص201 و202.

    [62] تَنتشر: تَنتفخ.

    [63] المصدر السّابق: ص102.

    [64] المصدر السّابق، دعاء أبي حمزة الثّمالي المعروف الّذي علَّمه إياه الإمام (ع): ص228 و229.

    [65] تخاتلني : تخادعني عن غفلة

    [66] رمسي : قبري وما يحثى عليه من التراب

    [67] وهما مَلَكان يأتيان في القبر للظّالم لنفْسِه العاصي لربِّه، بينما يجيء للمؤمن مبشِّر وبَشير.

    [68] المصدر السّابق: ص226.

    [69] مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آشوب: ج3 ص299 – وكنز العمّال، للمتّقي الهندي: ج4 ص255 – وتاريخ دمشق، لابن عساكر: ج54 ص332، وفيه أنَّ عبد الملك كتب إلى محمّد بن الحنفيّة. أقول: وحتّى على رواية ابن عساكر، فإنّه لا يَبْعُد كون المراد هو الإمام زين العابدين عليه السّلام بشكل غير مباشر وإن كان المرسول موجّه لمحمد بن الحنفيّة مباشرة؛ لالتصاقه بالإمام عليه السّلام، وكذا لا يبعُد كون الرّد قد صدر من نفس الإمام عليه السّلام وإن كان وفق هذه الرّواية التّأريخيّة جاء من محمّد بن الحنفيّة؛ لنفس العلّة، وهي كون محمّد رضي الله عنه كان ملتصقاً بالإمام عليه السّلام ومن شيعته وأتباعه المقرّبين.

    [70] تأريخ اليعقوبي، لأحمد بن أبي يعقوب: ج2 ص304.

    [71] المصدر السّابق: ج2 ص205.

    [72] راجع الكامل، لابن الأثير: ج8 ص486.

    [73] وفي نقل آخر: فوقع عليَّ الزّمع؛ أي الدّهشة والخوف.

    [74] الخرائج والخراج، للقطب الراوندي: ج1 ص475 إلى 478.

     


    فهرس المصادر:

    الكتاب، المؤلِّف، تحقيق، الطّبعة، سنة الطّبع، مطبعة، نشْر

    1- أعيان الشّيعة، للسّيّد محسن الأمين، تحقيق وتخريج: حسن الأمين، ن: دار التّعارف للمطبوعات – بيروت – لبنان.

    2- الأغاني، لأبي الفَرَج الأصفهاني، ن: مؤسّسة الأعلمي – بيروت – لبنان.

    3- الأنوار البهيّة، للشيخ عبّاس القمّي، ط: الأولى، س: 1417هـ، ن: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرَّفة.

    4- البحار، للعلامة المجلسي ره، ط: كمباني.

    5- البداية والنّهاية، لابن كثير، تحقيق وتدقيق وتعليق: علي شيري، ط: الأولى، س: 1408هـ – 1988م، م: دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان.

    6- تأريخ أسماء الثّقاة ممّن نقل عنهم العلم، لعمر بن أحمد المعروف بابن شاهي، تحقيق صبحي السّامرّائي، ط: الأولى، س: 1404هـ، ن: الدّار السّلفيّة.

    7- تأريخ اليعقوبي (1)، لأحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح الكاتب العبّاسي المعروف باليعقوبي، م: دار صادر – بيروت – لبنان، ن: مؤسّسة نشر فرهنگ أهل بيت عليهم السّلام – قم – إيران.

    8- تأريخ اليعقوبي (2)، لأحمد بن أبي يعقوب، تحقيق عبد الأمير مهَنّا، ط: الأولى، س: 1413هـ، م و ن: مؤسّسة الأعلمي – بيروت – لبنان.

    9- تأريخ مدينة دمشق، لابن عساكر، تحقيق علي شيري، س: 1415هـ، م و ن: دار الفكر – بيروت – لبنان.

    10- تفسير مجمع البيان، للشّيخ الطّبرسي ره، ط: الأولى، س: 1415هـ – 1995م، ن: مؤسّسة الأعلمي – بيروت – لبنان.

    11- الخرائج والخراج، للقطب الراوندي.

    12- شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد، ط: الأولى، س: 1378هـ – 1959م، م: دار إحياء الكتب العربية، ن: مؤسسة مطبوعاتي إسماعيليان.

    13- صحيح البخاري، لمحمد بن إسماعيل البخاري، س: ١٤٠١ هـ – ١٩٨١ م، ن: دار الفكر.

    14- صحيح مسلم، لمسلم النّيسابوري، ن: دار الفكر – بيروت – لبنان.

    15- الصّحيفة السّجّاديّة، أدعية الإمام زين العابدين (ع)، تدقيق وشرح: السّيّد محمّد باقر الموحِّد الأبطحي الأصفهاني، ط: الأولى، س: 25 محرّم الحرام 1411هـ، م: مؤسّسة الإمام المهدي (ع)، ن: مؤسسة الأنصاريان للطباعة والنشر – قم – ايران.

    16- عيون أخبار الرِّضا (ع)، للشّيخ الصّدوق، تصحيح وتعليق وتقديم: الشّيخ حسين الأعلمي، س: 1404هـ – 1984م، م و ن: مؤسّسة الأعلمي – بيروت – لبنان.

    17- فتح الأبواب، لابن طاووس، مؤسسة أهل البيت “ع” ط: الأولى، س: 1415هـ.

    18- الكامل، لابن الأثير.

    19- كنز العمّال، للمتّقي الهندي، س: 1409هـ، ن: مؤسّسة الرسالة – بيروت.

    20- المعجم الكبير، للطّبراني، م: دار إحياء التّراث العربي، ن: مكتبة ابن تيمية –القاهرة.

    21- المناقب، للموفّق الخوارزمي، ط: الثّانية، س: ربيع الثاني 1414هـ، م و ن: مؤسّسة النّشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرَّفة.

    22- مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آشوب، س: 1376هـ، م ون: المكتبة الحيدريّة – النّجف الأشرف.

    23- نهج البلاغة، خطب الإمام علي (ع) وهو ما جمعه السّيّد الشّريف الرّضي من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، شرح: الشّيخ محمّد عبده، ط: الأولى، س:1412هـ – 1370ش، م: النّهضة – قم، ن: دار الذّخائر – قم – إيران.

     

     

    للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا
    تعليق و نقاش

    لن يتم نشر بريدك الإلكتروني و تعبئته غير إلزامية | يتم وضع علامة نجمة * في الحقول التي يجب تعبئتها فقط.

    موضوعات ذات صلة

    حديث غريب (التبريك برجب ..) يُتناقل هذه الأيام

        سلوكيّات شيخ المدينة "علي بن الحسين" بين التّناقض والاستقامة [3]   قراءة تحليليّة لمسيرة الإمام (ع) على ضوء رؤية التّناقض في "سيرته التّجزيئيّة الواحدة" و"المجموع الكُّلِّي لسِيَر الأئمّة (ع)"      المقال الثّالث (الأخير) أمين السعيدي    بسم الله الرّحمن الرّحيم مَدْخَل: الحمد لله الّذي لا يُحمد على ضُرٍّ سِواه، والصّلاة والسّلام على…

    المزید ...
    الاستعداد الروحي لشهر رمضان – بقلم مسار علي

        سلوكيّات شيخ المدينة "علي بن الحسين" بين التّناقض والاستقامة [3]   قراءة تحليليّة لمسيرة الإمام (ع) على ضوء رؤية التّناقض في "سيرته التّجزيئيّة الواحدة" و"المجموع الكُّلِّي لسِيَر الأئمّة (ع)"      المقال الثّالث (الأخير) أمين السعيدي    بسم الله الرّحمن الرّحيم مَدْخَل: الحمد لله الّذي لا يُحمد على ضُرٍّ سِواه، والصّلاة والسّلام على…

    المزید ...
    حكمة هذا الأسبوع 2 محرم الحرام1433هــ

        سلوكيّات شيخ المدينة "علي بن الحسين" بين التّناقض والاستقامة [3]   قراءة تحليليّة لمسيرة الإمام (ع) على ضوء رؤية التّناقض في "سيرته التّجزيئيّة الواحدة" و"المجموع الكُّلِّي لسِيَر الأئمّة (ع)"      المقال الثّالث (الأخير) أمين السعيدي    بسم الله الرّحمن الرّحيم مَدْخَل: الحمد لله الّذي لا يُحمد على ضُرٍّ سِواه، والصّلاة والسّلام على…

    المزید ...
    هكذا قال المؤرخون في «حبيب الأسدي» بالكوفة وعند وصوله كربلاء – بقلم يا صاحب الزمان

        سلوكيّات شيخ المدينة "علي بن الحسين" بين التّناقض والاستقامة [3]   قراءة تحليليّة لمسيرة الإمام (ع) على ضوء رؤية التّناقض في "سيرته التّجزيئيّة الواحدة" و"المجموع الكُّلِّي لسِيَر الأئمّة (ع)"      المقال الثّالث (الأخير) أمين السعيدي    بسم الله الرّحمن الرّحيم مَدْخَل: الحمد لله الّذي لا يُحمد على ضُرٍّ سِواه، والصّلاة والسّلام على…

    المزید ...
    حُكمان في قَدَم المرأة

        سلوكيّات شيخ المدينة "علي بن الحسين" بين التّناقض والاستقامة [3]   قراءة تحليليّة لمسيرة الإمام (ع) على ضوء رؤية التّناقض في "سيرته التّجزيئيّة الواحدة" و"المجموع الكُّلِّي لسِيَر الأئمّة (ع)"      المقال الثّالث (الأخير) أمين السعيدي    بسم الله الرّحمن الرّحيم مَدْخَل: الحمد لله الّذي لا يُحمد على ضُرٍّ سِواه، والصّلاة والسّلام على…

    المزید ...
    الإجماع ودخول الامام المعصوم فيه

        سلوكيّات شيخ المدينة "علي بن الحسين" بين التّناقض والاستقامة [3]   قراءة تحليليّة لمسيرة الإمام (ع) على ضوء رؤية التّناقض في "سيرته التّجزيئيّة الواحدة" و"المجموع الكُّلِّي لسِيَر الأئمّة (ع)"      المقال الثّالث (الأخير) أمين السعيدي    بسم الله الرّحمن الرّحيم مَدْخَل: الحمد لله الّذي لا يُحمد على ضُرٍّ سِواه، والصّلاة والسّلام على…

    المزید ...
    دورة مكثفة في الناسخ والمنسوخ (نظرية وتطبيقية) – مع السيد أمين السعيدي

        سلوكيّات شيخ المدينة "علي بن الحسين" بين التّناقض والاستقامة [3]   قراءة تحليليّة لمسيرة الإمام (ع) على ضوء رؤية التّناقض في "سيرته التّجزيئيّة الواحدة" و"المجموع الكُّلِّي لسِيَر الأئمّة (ع)"      المقال الثّالث (الأخير) أمين السعيدي    بسم الله الرّحمن الرّحيم مَدْخَل: الحمد لله الّذي لا يُحمد على ضُرٍّ سِواه، والصّلاة والسّلام على…

    المزید ...
    أبو جعفر الباقر (ع) وحادثة السهام المحيِّرة – بقلم يا صاحب الزمان

        سلوكيّات شيخ المدينة "علي بن الحسين" بين التّناقض والاستقامة [3]   قراءة تحليليّة لمسيرة الإمام (ع) على ضوء رؤية التّناقض في "سيرته التّجزيئيّة الواحدة" و"المجموع الكُّلِّي لسِيَر الأئمّة (ع)"      المقال الثّالث (الأخير) أمين السعيدي    بسم الله الرّحمن الرّحيم مَدْخَل: الحمد لله الّذي لا يُحمد على ضُرٍّ سِواه، والصّلاة والسّلام على…

    المزید ...
    الجن والسحر والتنجيم وعلوم الشعبذة

        سلوكيّات شيخ المدينة "علي بن الحسين" بين التّناقض والاستقامة [3]   قراءة تحليليّة لمسيرة الإمام (ع) على ضوء رؤية التّناقض في "سيرته التّجزيئيّة الواحدة" و"المجموع الكُّلِّي لسِيَر الأئمّة (ع)"      المقال الثّالث (الأخير) أمين السعيدي    بسم الله الرّحمن الرّحيم مَدْخَل: الحمد لله الّذي لا يُحمد على ضُرٍّ سِواه، والصّلاة والسّلام على…

    المزید ...
    حكمة الأسبوع 25 شعبان 1434هـ [عربي ، فارسي]

        سلوكيّات شيخ المدينة "علي بن الحسين" بين التّناقض والاستقامة [3]   قراءة تحليليّة لمسيرة الإمام (ع) على ضوء رؤية التّناقض في "سيرته التّجزيئيّة الواحدة" و"المجموع الكُّلِّي لسِيَر الأئمّة (ع)"      المقال الثّالث (الأخير) أمين السعيدي    بسم الله الرّحمن الرّحيم مَدْخَل: الحمد لله الّذي لا يُحمد على ضُرٍّ سِواه، والصّلاة والسّلام على…

    المزید ...
    مُنتهَ «استواء طبيعة الإنسان» و «انسلاخه عنها»

        سلوكيّات شيخ المدينة "علي بن الحسين" بين التّناقض والاستقامة [3]   قراءة تحليليّة لمسيرة الإمام (ع) على ضوء رؤية التّناقض في "سيرته التّجزيئيّة الواحدة" و"المجموع الكُّلِّي لسِيَر الأئمّة (ع)"      المقال الثّالث (الأخير) أمين السعيدي    بسم الله الرّحمن الرّحيم مَدْخَل: الحمد لله الّذي لا يُحمد على ضُرٍّ سِواه، والصّلاة والسّلام على…

    المزید ...
    ولادة ضياء الفجر .. أبي الأحرار عليه السلام

        سلوكيّات شيخ المدينة "علي بن الحسين" بين التّناقض والاستقامة [3]   قراءة تحليليّة لمسيرة الإمام (ع) على ضوء رؤية التّناقض في "سيرته التّجزيئيّة الواحدة" و"المجموع الكُّلِّي لسِيَر الأئمّة (ع)"      المقال الثّالث (الأخير) أمين السعيدي    بسم الله الرّحمن الرّحيم مَدْخَل: الحمد لله الّذي لا يُحمد على ضُرٍّ سِواه، والصّلاة والسّلام على…

    المزید ...
    8

        سلوكيّات شيخ المدينة "علي بن الحسين" بين التّناقض والاستقامة [3]   قراءة تحليليّة لمسيرة الإمام (ع) على ضوء رؤية التّناقض في "سيرته التّجزيئيّة الواحدة" و"المجموع الكُّلِّي لسِيَر الأئمّة (ع)"      المقال الثّالث (الأخير) أمين السعيدي    بسم الله الرّحمن الرّحيم مَدْخَل: الحمد لله الّذي لا يُحمد على ضُرٍّ سِواه، والصّلاة والسّلام على…

    المزید ...
    متن در اینجا درج می شود

        سلوكيّات شيخ المدينة "علي بن الحسين" بين التّناقض والاستقامة [3]   قراءة تحليليّة لمسيرة الإمام (ع) على ضوء رؤية التّناقض في "سيرته التّجزيئيّة الواحدة" و"المجموع الكُّلِّي لسِيَر الأئمّة (ع)"      المقال الثّالث (الأخير) أمين السعيدي    بسم الله الرّحمن الرّحيم مَدْخَل: الحمد لله الّذي لا يُحمد على ضُرٍّ سِواه، والصّلاة والسّلام على…

    المزید ...
    الدّورة الفكريّة العقائديّة

        سلوكيّات شيخ المدينة "علي بن الحسين" بين التّناقض والاستقامة [3]   قراءة تحليليّة لمسيرة الإمام (ع) على ضوء رؤية التّناقض في "سيرته التّجزيئيّة الواحدة" و"المجموع الكُّلِّي لسِيَر الأئمّة (ع)"      المقال الثّالث (الأخير) أمين السعيدي    بسم الله الرّحمن الرّحيم مَدْخَل: الحمد لله الّذي لا يُحمد على ضُرٍّ سِواه، والصّلاة والسّلام على…

    المزید ...

    آخر المواضيع المنشورة

    صوتيات ومَرئيات ندوات ومحاضَرات ودورات ودروس وأدعیة وخُطَب السید أمین

    • 2:04 922
    • 0:44 913
    • 2:04 1,061

    خدمات مؤسَّسة اُولي العزم (ع) العلمية 2:04  تنزیل
    تأبين جدة سيدأمين «العابدة المسجِّن» حسينيةالغدير 0:44  تنزیل
    حلقة9«مسنونات الهلال ومستحباته» برنامج زبدةبحوث 00:00  تنزیل
    حلقة8 «مسائل فتوائية تثقیفیة في الهلال» برنامج زبدة 00:00  تنزیل
    حلقة7 «تتمةأدلةحجيةخصوص العين المجردة، ورد الأمم تطورت» 00:00  تنزیل
    حلقة6 «أدلة حجية خصوص العين المجردة في الاستهلال وتحديد التاريخ» 00:00  تنزیل
    حلقة5 «مشكلة وعلة الاختلاف بتحديد وسيلة الاستهلال والتاريخ ، وأدلة حجية الاستهلال بالآلة» 00:00  تنزیل
    حلقة4 «بالأدلة العلمية – أصل حُكم الظن بالهلال ويوم الشك» برنامج زبدة بحوث تحقيقية مبسطة 00:00  تنزیل
    حلقة3 «تتمة الأدلة العلمية على علامة ثبوت بداية الشهر ونهايته والهلال» 00:00  تنزیل
    حلقة2 «أدلة علامة ثبوت بداية الشهر ونهايته» برنامج زبدة بحوث تحقيقية مبسطة حول الاَهِلّة والتواريخ 00:00  تنزیل

    نصوص و مقالات

    أ- رسالة التطبير18 (تحقيق سند كِتاب منتخَب الطريحي لخبر نطْح زينب المَحْمَل) المزید
    أ- رسالة التطبير17 (تحقيق سند كِتاب نور عين الاسفراييني لخبر نطْح زينب المَحْمَل) المزید
    أ- رسالة التطبير16 (حقيقة كتاب أبي مخنف ونتيجة بحث المصدر الأول لخبر النطح) المزید
    رسالة التطبير15 (عقيدة أبي مخنف ومناقشتها/ سند ينابيع القندوزي لنَطْح زينب المَحْمَل) المزید
    رسالة التطبير14 (أبو مخنف لوط/ سند ينابيع القندوزي لنَطْح زينب المَحْمَل) المزید
    رسالة التطبير13 (تحقيق سند ينابيع القندوزي لخبر نَطْح زينب المَحْمَل) المزید
    رسالة التطبير12 (المَراجِع/ تحقيق سند خبر نَطْح زينب المَحْمَل) المزید
    رسالة التطبير11 (تحقيق سند خبر نَطْح زينب المَحْمَل/ المصادر) المزید
    أ- رسالة التطبير10 (الفصل الثاني: أدلة التطبير بالعنوان الأولي الصريح) المزید
    أ- رسالة التطبير9 (لا أَتَكلَّم فيه بشيء) المزید
    لماذا كلمات العلماء صعبة وجافة خلافاً للقرآن والروايات؟ المزید
    محدودية البحث والعلم والكتابة بين «الوهم والحقيقة» المزید
    المقياس المحْكَم والأمثل لتقييم أيّ بحث وتجربة وعمل المزید
    اُسس وضوابط الكتابة القصيرة المزید
    الرسائل الفقهية ح16 آلية العلاج «المستخلَصات؛ اختلال الترتيب؛ اهتمامات المثقَف ..» المزید
    الرسائل الفقهية ح15 آلية العلاج «معاناة المغتربين؛ النقص الكمي؛ الصعوبة والغموض» المزید
    الرسائل الفقهية ح14 آلية العلاج «المشوِّقات؛ إيجاد الأمراض؛ مجتمَع الرواية» المزید
    الرسائل الفقهية ح13 آلية العلاج «فصلُ القانون عن جوهره، والخلو من الدليل وأخلاق القانون – تاسعاً» المزید
    الرسائل الفقهية ح12 آلية العلاج «فصلُ القانون عن جوهره، والخلو من الدليل وأخلاق القانون – ثامناً» المزید
    الرسائل الفقهية ح11 آلية العلاج «على صعيد المشكلات: فصلُ القانون عن جوهره» المزید
    يوم الزهراء(ع) العالمي: «فاطمة فتاة جميلة ليست مغرورة» – بقلم يا صاحب الزمان المزید
    وقفات مع أقوال الإمام علي (ع) – بقلم مسار علي المزید
    الاستعداد الروحي لشهر رمضان – بقلم مسار علي المزید
    «لو لا فاطمة لما خُلِقتما» قراءة في السبب – بقلم أبي عبدالله المزید
    في حال الكسوف والخسوف .. صلاة الآيات لها عدة طرق منها هذه الطريقة المزید
    التشكيك في إمامة الجواد (ع) وأساليبه (ع) لتثبيت الاعتقاد بالإمامة – بقلم يا صاحب الزمان المزید
    سر علمي في اسم الهادي(ع) وبعض أروع كراماته ومعاجزه وأخباره بالمغَيَّبات – بقلم يا صاحب الزمان المزید
    إمامك الصادق(ع) يحكي لك ربط الإمام الحسين(ع) بسورة الفجر – بقلم يا صاحب الزمان المزید
    مناظر للإمام الكاظم(ع) مع المتربص به أبي يوسف – بقلم يا صاحب الزمان المزید
    مواقف وأسالبب الإمام الجواد(ع) تجاه المذاهب الفكرية في زمانه – بقلم يا صاحب الزمان المزید

    نصوص و مقالات

    دیوانیات الأسئلة المرسَلة للسید أمین وأجوبته علیها

    ديوانية الفلسفة والعقيدة (الأسئلة و الأجوبة)

    خرافة مصاحف ليلة القدر ? السائلة: السلام عليكم، عندي استفسار: كثرت بعض الرسايل ويقال انها على لسان الشيخ حسن زاده آملي اثناء رفع المصاحف تفتح على صفحه من القران وبعد الانتهاء تقرأها وتجد مقادير السنه كامله من خلال قراة الايات. هكذا المنشور الوارد في هذه الرسايل: [‏الطريقة الصحيحة 

    المزید »

    إشكال في شكر الخالق ووجْهُه بمصحِّح صُدور الفيض • السائل: السلام عليكم ورحمة الله سيدنا الغالي أرجو منكم إفادتي بخصوص التالي إشكال في لزوم شكر المنعم الله خلقنا لغاية وحتى يبقى هذا الخلق لابد له من مقومات البقاء والتي أوجدها الله في هذا الكون فكان لزاما على الله توفير هذه المقومات حتى تستطيع البشرية البقاء.

    المزید »

    لماذا كلمات العلماء صعبة وجافة خلافاً للقرآن والروايات؟ 👥 السائل: ⚫ في دورة عن أصول العقائد .. لاحظ أحد الأعزاء الملاحظة التالية: نلاحظ أن البيانات القرآنية والروائية أكثر وضوحا ودفئا من اللغة العلمية الصناعية ( كلامية وفلسفية ) .. فشتان – مثلا – بين قولهم : وحدة العمل والجزاء ، وقوله تعالى { ووجدوا ما.

    المزید »

    مسألة حول منشور يتداول في ظهور المهدي الجمعة بيوم القدر سنة١٤٣٦ ● السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مساء الخير سؤال حول الموضوع المنتشر التالي: هل تعتقدون انه في هذا الشهر المبارك لان يوم ٢٣ من هذا الشهر يصادف ليلة جمعة وليلة من ليالي القدر [لبيك لبيك يامهدي الصيحة علامة حتمية :- ♦علامات سنة الظهور📝 �� أحداث شهر.

    المزید »

    بدعة التبريك بربيع الأول عن النار بخروج صَفَر مع تعليق سماحة السيد أمين السعيدي السائلة: ينتشر: [مبروك عليكم شهر ربيع الأول قال الرسول صلى الله عليه وآله: مَن يبارِك الناس بهذا الشهر الفضيل يحرم عليه النار … كل عام وأنتم بخير] قال رسول الله ص ( من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من.

    المزید »

      صلاةُ آخرِ أربعاء من «صَفَر» وأعمالُه ونحاسته 【روايات أربعاء لا تَدُور】-(2)- أحبتنا فيما يلي نضع بين أيديكم تتمة جواب سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله على سؤال أحد المؤمنين، حيث: سأَل عن مدى صحة وشرعية (أعمال آخر أربعاء من شهر صفر، وأنه جاء في المأثور أنه ينزل في كل سنه 320 ألف بلية، كلها.

    المزید »

    صلاةُ آخرِ أربعاء من «صَفَر» وأعمالُه ونحاسته -(١)- مع تعليق سماحة السيد أمين السعيدي السائل: شاع منشور يتعلق بأعمال آخر أربعاء من صفر للتعوذ من نحوسته، نود سماحة السيد أمين إبداء النظر حوله، فقد قمتُ بنشره شخصياً مثل غيري ثم شككتُ في صحته، فإذا كان فيه خطأ فما هو تكليفي لتبرئة ذمتي والتكفير عما نشرته بين.

    المزید »

    【الغنيمة الباردة، وهل ذكر الأئمة الفصول كالكوامل ..؟】 السائل: سيدنا العزيز .. هل هناك روايات تتحدث عن فضل فصل من الفصول الأربعة .. أو أذكار لدخول فصل من الفصول أو انتهاءه .. أو هل ركز أهل البيت على هكذا أمور كما ركزوا على فضل الشهور والأذكار فيها؟ جواب سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله: عليكم.

    المزید »

    ‏‫ [dropshadowbox align=”none” effect=”lifted-both” width=”900px” height=”” background_color=”#ffffff” border_width=”1″ border_color=”#dddddd” ]‏‫ كيف أحافظ على روحيتي ومكتسباتي من الحج؟ ● السائل: سؤال إلى سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله كيف يحافظ الحاج بعد تأدية مناسك الحج على الحالة الروحية والمعنوية والحالة السلوكية المنضبطة؟ كيف نجعل هذا الاثر منغرسا في الحاج لا يعتريه شياطن الانس والجن؟  وشكرا ◀ جواب.

    المزید »

    سؤال وجواب من قروب وتساب دورة إثبات الوجود الإلهي١٤٣٥هـ (القروب الرجالي) : 【العقول العشرة ومنطقية صدور «المادة» مِن «المجرَّد» في ظلِّ بدهيةِ عقلية (وجود خصائص الأثر في المؤثِّر)】 [dropshadowbox align=”center” effect=”lifted-both” width=”800px” height=”” background_color=”#fdfde4″ border_width=”1″ border_color=”#ffbe56″ ] ●  السائل:- السلام عليكم سيدنا لدي بعض الاستفسارات بخصوص العقول العشرة القائلون بها يستخدموها لنفي المادية عن الله.

    المزید »

    ديوانية الفقه (الأسئلة و الأجوبة)

    هل يجوز للبائع أن يبيع بقيمة متفاوتة أم يجب توحيدها؟ س/ السلام عليكم سيدنا هل يجوز لصاحب السلعة أن يبيع زيدا بسعر وعمرا بسعر آخر او يجب توحيد السعر؟ ج/ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بحد ذاته يجوز في الأحوال التي تكون فيها قيمة البيع مفسوحة للبائع من حيث الزيادة أو البيع بالأقل شريطة أن.

    المزید »

     ما هي أعمال العمرة كاملة؟ سؤال وجواب مع سماحة السيد أمين السعيدي • السائلة: السلام عليكم سيدنا ماهي أعمال العمرة كاملة لو تفضلتم سيدنا وفقنا الله وإياكم لزيارة بيته حجاج ومعتمرين. نقلد السيد السيستاني وفقكم الله سيدنا وأنار دربكم بالإيمان والتقوى • جواب السيد أمين السعيدي: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته تقبل الله أعمالكم أيُّ.

    المزید »

    المقدَّم حال التعارض بين طاعة الأم والزوج ● السائلة: السلام عليكم عندي سؤال: الواجب اطيع زوجي او امي؟ زوجي يمنعني من الزيارة وامي تريدني اطيعها واخدمها واني محتارة اطيع من ساعدني وشكراً ◀ جواب سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله: السلام عليكم ورحمة الله تقبل الله أعمالكم في الصورة المذكورة الواجب شرعاً هو تقديم طاعة الزوج. وينبغي السعي.

    المزید »

      سجود التلاوة «آيات السجود بيان تفصيلي واضح لأحكامها» ● السائل: السلام عليكم سؤال الى سماحة السيد أمين السعيدي هل السجود واجب عند قراءة اي اية من آيات السجدة؟ فلو قرات الاية وانا جالس في مكان غير مهيأ للسجود فما هو تكليفي؟   ◀ جواب سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله: أولاً: هل هي آية سجود.

    المزید »

    مدى صحة حديث يتناقل عن نبي الله الخضر (ع) سؤال وجواب مع سيد أمين السعيدي. ●السائلة:- علاج الغيبة اشتكى احد الاولياء الصالحين للخضر عليه السلام يوما من كثرة الغيبة بين الناس، وانه كلما ينصحهم بالاقلاع عنها ويقول لهم انها من الكبائر، فانهم لا يكترثون بكلامه ولا يقلعون من تلك الخصلة المذمومة. فقال له الخضر عليه.

    المزید »

    حكم قراءة القرآن في شهر رمضان ممن لا يجيد القراءة جيداً سؤال وجواب مع سيد أمين السعيدي ● السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته1 هل يجوز قرائة القرآن في نهار شهر رمضان بنية التعلم خوفا من الخطأ2وهل صحيح ان الصائم اذا قرئة القرآن وأخطأ في القراءة في نهار شهر رمضان يفطر ◀ جواب السيد أمين.

    المزید »

    حكمان في قَدَم المرأة ● السائلة: ماحكم ظهور القدمين في الصلاه بالنسبه للمرأه؟ إذا تفضلتم سيدنا الاجابه على هذه الأسئله. (أقلد السيد علي السيستاني) ◀ جواب سماحة السيد أمين السعيدي: يجوز إظهار باطن وظاهر القدمين أثناء صلاتها. ولا يجوز لها كشف ظاهر قدميها لعين الناظر غير الـمَحْرم؛ كإخوة زوجها وإخوة أزواج أخواتها وأعمام زوجها وأخواله.

    المزید »

    في العقد والإيقاع سؤال وجواب مع سيد أمين السعيدي.   ● السائلة: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته   مالفرق بين العقد والايقاع؟ مع مثال للتوضيح اذا سمحتم ولكم جزيل الشكر   جواب سماحة السيد حفظه الله:   عليكم السلام ورحمة الله وبركاته مساء الخير، وتقبل الله أعمالكم   العقد والإيقاع بهذا التقسيم هما مصطلحان فقهيان،.

    المزید »

    【حديث غريب يُتناقل هذه الأيام】 سؤال وجواب مع سيد أمين السعيدي. ● السائلة: سؤال سيدنا مامدى صحة الحديث المتناقل في برنامج التواصل الاجتماعي الوات سب عن حديث المباركه بحلول الشهر رجب؟ وهو كتالي مبروك عليكم شهر رجب الأصب قال رسول الله (ص) : من يبارك الناس بهذاالشهر الفضيل يحرم عليه النار إن شاء الله أكون.

    المزید »

    الحج بالاقتراض ، وحِـيـَـله الشرعية  سؤال وجواب مع السيد أمين السعيدي.   ● السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته… سؤال الى سماحة السيد هل يجوز اخذ قرض من احد البنوك الاهلية لاداء فريضة الحج؟ علماً انني اقلد السيد السيستاني حفظه الله – جواب السيد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلاً بالأستاذ الفاضل، أرجو أن تكون.

    المزید »

    ديوانية القرآن والتفسير (الأسئلة و الأجوبة)

    المرأة لا يجب عليها التستر، الرجل هو عليه غض البصر؟ ? السائل: السلام علیکم سيدنا هل هذا الکلام -المنشور في أحد الجرائد لأحد الدكاترة- صحیح؟ يقول الكاتب حرفياً: «ليس في القرآن إذن ما ينص على أن المرأة “فتنة” ولا أنها تفتن الرجل بل الرجل هو الذي يُفتتن بها، وإذا كانت تجذب الرجل ليفتتن بها فالمسؤولية.

    المزید »

    رحمة الله أيها العزيز! عندما تتأمل قوله تعالى: {لِيَجزيَ الذينَ أساؤوا بما عَمِلوا ، ويَجزيَ الذينَ أحسنوا بالحُسنى}[النجم: 31] تعي عندها عظَمة آفاق الرحمة؛ ففي صدر الآية قال سبحانه بما عملوا ولم يحدِّد ذلك من حيث الجزاء، بينما في ذيل الآية حدَّد الجزاء بالحُسنى؛ فلم يقل في صدرِ الآية عن الذين أساؤوا مثلاً ليجزي الذين.

    المزید »

    سؤال حول خطبة الزهراء (ع) سؤال وجواب مع سيد أمين السعيدي ● السائلة: الله يعطيكم العافيه سيدنا في ميزان اعمالكم عندي سؤال عن ايه ولكن ليس تفسيرا كما يبدو لي اذا امكن؟ السؤال كالاتي لماذا سيدة نساء العالمين ذكرت في خطبتها الفدكيه هذه الايه بالتحديد قال تعالى ((لقد جاءكم رسولٌ من انفسكم عزيزٌ عليكم ما.

    المزید »

    مع لؤلؤةٍ في بحرها الأسود كتابة: السيد أمين السعيدي أرأيت لؤلؤةً يشعُّ منها الجَمالُ بأصدافها المسْوَدّة؟ ما سر جمالها الذي يجعل منها تتزين بسوادها؟ تلألأَتْ ببهائها فأبهرت العقول ، وأصبحت سراً على جيد الفتاة التقية الصالحة بما كساها الله من جمالٍ وكمال. فالسر فيها يظهر من أمنا فاطمة. السر في العفة الحقيقية التي تزهو بأعماق.

    المزید »

      معنى الآية: {لا يَنالُ عهدي الظّالمين} ● السائل: ما المقصود من قوله تعال ( لا ينال عهدي الظالمين )؟ ● رد سماحة السّيد أمين السعيدي حفظه الله: عليكم السّلام ورحمة الله وبركاته. 1- المقصود من قوله تبارك وتعالى: {لا يَنالُ عهدي الظّالمين}، هو أنَّ الإمامة على الخلق والنّبوّة وما شاكل من المناصب الإلهيّة العالية.

    المزید »

    معنى الآية ( ولا ينفعكم نصحي إن أردت …(هود/34) ● السائل: ياحبذا لو توضحوا لنا الاية (ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون) سورة هود اية 34 اريد توضيح هذا المقطع من الآية _ إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم_   ● رد سماحة.

    المزید »

    ديوانية الشؤون العامة والمجتمَع (الأسئلة و الأجوبة)

    …..

    المزید »

    نتنتاتل 6

    المزید »

    نتنتاتل 5

    المزید »

    ? أولو العزم: سيدنا❗ كيف تصف الحاج الشهيد المرحوم عبد العزيز الربح❓ ? السيد أمين السعيدي: (كان بَسّاماً للغاية، رحباً، شرِح الصدر صافي القلب، لا يَتَكلَّف بالكلام ولا يتصنَّع باللسان، إذا حدَّثْتَه يُقبِل عليك بكله، فلا تشعر معه بثقل أو حرج، خيرُه سابقٌ بكرم خُلقه، وشره مأمون بلطف جوده. فكل من عاشره تجده يذكره بخير. كنت.

    المزید »

    أُسس وضوابط الكتابة القصيرة سؤال وجواب مع سيد أمين السعيدي ● السائلة: السلام عليكم. تقبل الله أعمالكم … ونسألكم الدعاء في سحر هذه الليله العظيمه.. يخالجني سؤال اود طرحه على الاستاذ الفاضل .. انتم لكم … ونحن ك مبتدئات نحاول ان نخربش بما يجود به القلم فما هي اهم النصائح التي ممكن ان تقدموها لنا.

    المزید »

      وصفة سلسة لإفراغ الذمة من التكليف العلمي   السلام عليكم ورحمة الله سؤال لسماحة السيد أمين السعيدي جزاه الله عنا خيراً ورعاه. سيدنا إنني امرأة كثيرة الانشغالات، مسؤوليات البيت، وأيضاً اُعِـين زوجي ببعض المشاريع التجارية في البيت كالخياطة مثلاً، وأريد أن اُخلي واُفرغ ذمتي من التكليف العلمي الدِّيني، علماً أن أمثالي من النساء والرجال.

    المزید »
    الدورات ومباحَثاتها العِلمية وشهادات الطلاب

    تغطية ر(٢) شهادات طلاب وطالبات الدورة المكثفة التاسعة «إثبات الوجود الإلهي والإجابة على الشبهات وتساؤلات النفس ١٤٣٥هـ» – مع السيد أمين السعيدي  تقرير مؤسَّسة أنبياء أولي العزم (ع) : اختتام فعاليات الدورة العلمية المكثفة العامة الفريدة من نوعها، المنعقدة بالقطيف (القديح – حسينية آل مرار) بعنوان: «إثبات الوجود الإلهي والإجابة عن الشبهات وتساؤلات النفْس حوله»، والتي.

    المزید

    شهادات الطلاب والطالبات – تغطية ر(٢) للدورة المكثفة الثامنة【حقيقة المعرفة ، وتقسيماتها ، ومناهجها ، وأدواتها 1435】 مع سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله ✿ المُلْقي سماحة الشيخ الأستاذ:السيد أمين حبيب السعيدي حفظه الله【ماجستير فقه ومعارف إسلامية وفلسفة】وغير ذلك من الشهادات العلمية الرسمية ..✿ الوقت: ٣ أيام؛ يوم الجمعة (٢١ شعبان ١٤٣٥هـ) والسبت والأحد.● الخامسة.

    المزید

    مباحَثة الندوة الأولى لدورة: (المعرفة؛ حقيقتها، وتقسيماتها، واتجاهاتها، وأدواتها):- مع سماحة السيد أمين السعيدي حفظه ا..   1- عدِّدْ الرؤوس الثمانية التي تُذكَر لبيان هوية كل علم (فقط تعداد).   الأمر الأول:- 2- اذكر تعريفات (العلم) مع بيانها بإيجاز. 3- اذكر تعريف علم مناهج التفكير والمعرفة.   الأمر الثاني:- 4- علم المعرفة لم يكن علماً.

    المزید

    مباحَثة الندوة الثانية لدورة: (المعرفة؛ حقيقتها، وتقسيماتها، واتجاهاتها، وأدواتها):- مع سماحة السيد أمين السعيدي حفظه ا.. 1- لماذا مَبْحَث الواقعية وعدمها هو أول مبحث في علم مناهج التفكير وعند الحكماء؟ 2- وضح ما يلي: (في حالة عدم ثبوت قيمة واقعية للمعرفة سيترتب: أ- الانسداد العلمي في جانب العلم والتعليم. ب- بطلان المعتقدات والاديان. ج- انهيار.

    المزید

    مباحَثة الندوة الثالثة لدورة: (المعرفة؛ حقيقتها، وتقسيماتها، واتجاهاتها، وأدواتها):- مع سماحة السيد أمين السعيدي حفظه ا..   تتمة الباب الأول: قيمة المعرفة: ب- اتجاهات المنكرين المعرفة:- 1- هناك مجموعة من التيارات والاتجاهات تنكر المعرفة من أصل، أو بعضاً منها، وتشكك في قيمتها. (عَدِّدها).   1- الاتجاه السفسطائي:- 2- مِن السفسطائية (جرجياس) الذي هو من أشد.

    المزید

    نُسخة ورقة المباحَثة الثانية المقدَّمة من سماحة السيد أمين السعيدي لطلاب الدورة أسئلة مباحَثة ر(2) لدورة [إثبات الوجود الإلهي وأجوبة أهم الشبهات تساؤلات النفس حوله]    مؤسَّسة أنبياء أولي العزم(ع)- جمادى الأول 1434هـ إلقاء السيد أمين السعيدي     خمس ملاحظات هامة: الملاحظة الأولى:- يفضَّل أن يختار كل طالب لنفسه زميلاً أو أكثر للقيام بحل.

    المزید

    نُسخة ورقة المباحَثة الثالثة المقدَّمة من سماحة السيد أمين السعيدي لطلاب الدورة   أسئلة مباحَثة ر(3) لدورة [إثبات الوجود الإلهي وأجوبة أهم الشبهات تساؤلات النفس حوله]    مؤسَّسة أنبياء أولي العزم(ع)- جمادى الأول 1434هـ إلقاء السيد أمين السعيدي     خمس ملاحظات هامة: الملاحظة الأولى:- يفضَّل أن يختار كل طالب لنفسه زميلاً أو أكثر للقيام.

    المزید

    نُسخة ورقة المباحَثة الرابعة المقدَّمة من سماحة السيد أمين السعيدي لطلاب الدورة   أسئلة مباحَثة ر(4) لدورة [إثبات الوجود الإلهي وأجوبة أهم الشبهات تساؤلات النفس حوله] جماعة أنبياء أولي العزم(ع)- جمادى الأول 1434هـ إلقاء السيد أمين السعيدي خمس ملاحظات هامة: الملاحظة الأولى:- يفضَّل أن يختار كل طالب لنفسه زميلاً أو أكثر للقيام بحل هذه الأسئلة.

    المزید

    نُسخة ورقة المباحَثة الخامسة المقدَّمة من سماحة السيد أمين السعيدي لطلاب الدورة    أسئلة مباحَثة ر(5) لدورة [إثبات الوجود الإلهي وأجوبة أهم الشبهات تساؤلات النفس حوله]   جماعة أنبياء أولي العزم(ع)- جمادى الأول 1434هـ إلقاء السيد أمين السعيدي       خمس ملاحظات هامة: الملاحظة الأولى:- يفضَّل أن يختار كل طالب لنفسه زميلاً أو أكثر.

    المزید

    نُسخة ورقة المباحَثة السادسة المقدَّمة من سماحة السيد أمين السعيدي لطلاب الدورة      أسئلة مباحَثة ر(6) لدورة [إثبات الوجود الإلهي وأجوبة أهم الشبهات تساؤلات النفس حوله]     جماعة أنبياء أولي العزم(ع)- جمادى الأول 1434هـ إلقاء السيد أمين السعيدي      خمس ملاحظات هامة: الملاحظة الأولى:- يفضَّل أن يختار كل طالب لنفسه زميلاً أو.

    المزید

    أطروحات السید أمین في قضایا المرأة والزوجین والأُسرة والتربیة

    قضایا المرأة

    المرأة لا يجب عليها التستر، الرجل هو عليه غض البصر؟ ? السائل: السلام علیکم سيدنا هل هذا الکلام -المنشور في أحد الجرائد لأحد الدكاترة- صحیح؟ يقول الكاتب حرفياً: «ليس في القرآن إذن ما ينص على أن المرأة “فتنة” ولا أنها تفتن الرجل بل الرجل هو الذي يُفتتن بها، وإذا كانت تجذب الرجل ليفتتن بها فالمسؤولية.

    المزید »

    حكمان في قَدَم المرأة ● السائلة: ماحكم ظهور القدمين في الصلاه بالنسبه للمرأه؟ إذا تفضلتم سيدنا الاجابه على هذه الأسئله. (أقلد السيد علي السيستاني) ◀ جواب سماحة السيد أمين السعيدي: يجوز إظهار باطن وظاهر القدمين أثناء صلاتها. ولا يجوز لها كشف ظاهر قدميها لعين الناظر غير الـمَحْرم؛ كإخوة زوجها وإخوة أزواج أخواتها وأعمام زوجها وأخواله.

    المزید »

    منشور رقم 7 بتاريخ 18-12-1434هـ   السُّـكنـَى ليست من المرأة فقط! [في ظل خَلْقِ حواء من ضلع آدم(ع)] إنّ قولَ الله تعالى خـَـلَقَ لكم مِن أنفُسِـكم أزواجاً لتَسكنوا إليها في الآية القائلة:{وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها ، وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الروم: 21]، فقوله.

    المزید »

    تغطية لمحتويات ندوة (ر1) في فقه الحجاب وبعض مسائل الاختلاط: كما وعدناكم أحبتنا نقدم لكم تغطية حول محتويات وعناوين الندوة [رقم1] في الحجاب والاختلاط التي ألقاها سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله في أواسط شهر رمضان المبارك 1434هـ ، حيث قــَسَّم البحث لندوتين متتاليتين كما يلي: • أما محتويات الندوة الأولى فكما يلي: بعد حمد.

    المزید »

    مقتطف من القسم الأول لمحاضرة ألقاها السيد أمين السعيدي حفظه الله حول «فقه الحجاب والاختلاط» ببرنامج (وتعاونوا 2) – سيهات – لجنة الإمام المهدي (عج) – 1434هـ    

    المزید »

    【الحجاب تخلــُّـف】 به ثلاث عَظائم: كل مَن تَـصف الحجاب بأنه تخلف وتحجر وجاهلية ، وتَـسخر من المؤمنات المحجبات ؛ فهي ارتكبت – على أقل القليل – ثلاثة أمور كل واحدٍ منها عظيمٌ وَخِــيْـم: ●» الأول:- أنها اتَـهمت الزهراء وزينب وأم البنين وأم كلثوم ورقية وسكينة (ع) بالتخلف ؛ لأن هذه النسوة لو عُدن في عصرنا.

    المزید »

    مع لؤلؤةٍ في بحرها الأسود كتابة: السيد أمين السعيدي أرأيت لؤلؤةً يشعُّ منها الجَمالُ بأصدافها المسْوَدّة؟ ما سر جمالها الذي يجعل منها تتزين بسوادها؟ تلألأَتْ ببهائها فأبهرت العقول ، وأصبحت سراً على جيد الفتاة التقية الصالحة بما كساها الله من جمالٍ وكمال. فالسر فيها يظهر من أمنا فاطمة. السر في العفة الحقيقية التي تزهو بأعماق.

    المزید »

    المرأة الحائضة وحكمها فى الصلاة ● السائل: امرأه ولدت ونوع الاستحاضه صغرى ، إذا جاء وقت صلاة الظهر تطهرت ووضعت القطنه وتوضت ثم صلت الفرض الاول، وبعد الانتهاء من الفرض الأول شيكت القطنه فوجدتها نظيفه وخالية من الدم… فهل تعيد الوضوء للإتيان بفرض العصر؟ علماً بأنها تقلد السيد علي السيستاني.     ● رد سماحة.

    المزید »

    قراءة الحائض للقرآن فى ليلة القدر ● السائل: السلام عليكم و رحمة اللهِ وبركاته . من مستحبات ليلة القدر قراءة سورة القدر ألف مرة،فماهو الحكم الحائض هل يجوز لها قراءتها ام فى ذلك كراهية؟     ● رد سماحة السّيد أمين السعيدي حفظه الله: بسم الله الرّحمن الرّحيم السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بالنّسبة لمستحبّات.

    المزید »

      حكم الصلاة خلف امرأة بعد شروعها في الصلاة  ● السائل: السلام عليكم و رحمة الله وبركاته. لو كانت امرأة تصلي وأتى رجل يصلي خلفها، هل عليها أن تعود الصلاة أو تقطعها؟ أم صلاتها صحيحة وتبطل صلاته؟ ● رد سماحة السّيد أمين السعيدي حفظه الله: السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته, لو كانت امرأة تصلّي.

    المزید »

    قضايا الخاطبين والزوجين والأُسرة والأبناء

    المقدَّم حال التعارض بين طاعة الأم والزوج ● السائلة: السلام عليكم عندي سؤال: الواجب اطيع زوجي او امي؟ زوجي يمنعني من الزيارة وامي تريدني اطيعها واخدمها واني محتارة اطيع من ساعدني وشكراً ◀ جواب سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله: السلام عليكم ورحمة الله تقبل الله أعمالكم في الصورة المذكورة الواجب شرعاً هو تقديم طاعة الزوج. وينبغي السعي.

    المزید »

    أشكال وضوابط التعاون الزوجي ودور عنصر الإبداع منشور رقم 18 بتاريخ 29-12-1434هـ    

    المزید »

    من الأمور الضرورية الباعثة للزواج: (الحاجة للمُـعِـيـْن المكافِـئ) منشور رقم 17 بتاريخ 28-12-1434هـ  

    المزید »

    صورة إحراز نصف الدين في ظل (عدم جواز التعدد للمرأة) و (عدم تحقيق الضوابط) منشور رقم 16 بتاريخ 27-12-1434هـ     

    المزید »

    صورة إحراز نصف الدين في ظل (الزواج المتعدد) و (عدم تحقيق الضوابط في الزواج الأول)[2] منشور رقم 15 بتاريخ 26-12-1434هـ    

    المزید »

    صورة إحراز نصف الدين في ظل (الزواج المتعدد) و (تحقيق الضوابط في الزواج الأول)[1] منشور رقم 14 بتاريخ 25-12-1434هـ  

    المزید »

    مناقشة حول كون إحراز نصف وثلثــَي الدِّين لا يحصل إلا بتحقيق الشرائط والضوابط منشور رقم 13 بتاريخ 24-12-1434هـ    

    المزید »

    الزواج مثلاً بامرأتين هل يعني إحراز نصف الدين بالأولى وإحراز نصفه الآخر بالثانية بشكل أتوماتيكي بدون امتثال للضوابط؟ عنوان الموضوع: ضوابط إحراز نصف وثلثي الدِّين بالتزويج منشور رقم 12 بتاريخ 23-12-1434هـ إنّ قول الأخبار الشريفة بأنَّ مَن تزوَّج أَحْـرزَ نصف دِينه ، ومَن تَزوَّج أَحْـرزَ ثلثَي دِينه ، ومن تزوَّج كمل دِينه ، وقول الشيطان.

    المزید »

    التزويج يـعـْـصِـم ثلثي الدِّين لا نصفه ، بل أكثر !! منشور رقم 11 بتاريخ 22-12-1434هـ الشائع بين الناس هو أن التزويج يعـْـصِـم (نصف دِين الرجل) و(نصف دِين المرأة) عن الضياع والشيطان والانحرافات ، سواء الانحرافات الروحية أو النفسية أو الجسدية .. ، فبالتزويج يحْـرِز الزوجان ذلك حسبما ورد في الأخبار. لكن الوارد في بعض الروايات.

    المزید »

    شرائط التزويج بين أبناء المذاهب المختلِفة منشور رقم 10 بتاريخ 21-12-1434هـ في قضية كون (حِفظ الدِّين) أحد أهم أهداف الزواج ، نقول في هذه القضية ما قلناه(1) في مسألة (الحاجة الروحية للشريك) ، وهو أنّ: التزويج بين المذاهب الإسلامية لا ضرر فيه حال اعتدال الشريكين ، وعدم فرْضِ أحدهما نظره على الآخر ؛ وكذا حال.

    المزید »

    مراسَلتنا

    ليصلك جديدنا بالوتساب أو التلقرام ارسل كلمةاشتراك على 00966544813183